الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فإن ادعى ) الصبي أو الصبية ( البلوغ بالاحتلام ) أي نزول المني يقظة ، أو نوما والصبية البلوغ بالحيض ( مع الإمكان ) بأن بلغ تسع سنين قمرية تقريبا ( صدق ) لأنه لا يعرف إلا من جهته ولا ينافيه إمكان البينة على الحيض ؛ لأنه مع ذلك عسر كما يأتي ( ولا يحلف ) إن خوصم ؛ لأنه إن صدق لم يحتج إلى يمين وإلا فالصبي لا يحلف وإنما توقف عليها إعطاء غاز ادعى الاحتلام قبل انقضاء الحرب فأنكره أمير الجيش ؛ لأنه لا يلزم من تحليفه المحذور السابق وإثبات اسم ولد مرتزق طلبه احتياطا لمال الغنيمة ولأنه لا خصم هنا يعترف بعدم صحة يمينه وإذا لم يحلف فبلغ مبلغا يقطع ببلوغه لم يحلف لانتهاء الخصومة بقبول قوله أولا ، فلا ننقضه ( وإن ادعاه بالسن طولب ببينة ) وإن كان غريبا لا يعرف لسهولة إقامتها في الجملة ويشترط فيه إذا تعرضت للسن أن تبينه للاختلاف فيه [ ص: 356 ] نعم لا يبعد الإطلاق من فقيه موافق للحاكم في مذهبه ؛ لأن هذا ظاهر لا اشتباه ولا خلاف فيه عندنا وبه يفرق بين هذا ونظائره الآتية في الدعاوى وهي رجلان نعم إن شهد أربع نسوة بولادته يوم كذا قبلن وثبت بهن السن تبعا كما هو ظاهر وخرج بالاحتلام والسن ما لو ادعاه وأطلق فيستفسر كما رجحه الأذرعي فإن تعذر استفساره اتجه العمل بأصل الصبا وقد يعارض ما رجحه قول الأنوار لو شهدا ببلوغه ولم يعينا نوعه قبلا إلا أن يفرق بأن عدالتهما مع خبرتهما إذ لا بد منها قاضية بأنهما تحققا أحد نوعيه قبل الشهادة به وإنما يتجه بعض الاتجاه إن كانا فقيهين موافقين لمذهب الحكم في البلوغ ومع ذلك القياس أنه لا بد من استفسارهما ويفرق بين هذا وما قدمته في السن بأن الإيهام هنا أقوى

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ولا ينافيه إمكان البينة . إلخ ) قد يفهم من هذا الصنيع عدم إمكان البينة على الاحتلام لكن قد يقتضي ما يأتي عن الأنوار خلافه إذ يشترط في السن التعرض له فلو لم تمكن البينة بالاحتلام لزم عدم قبولها إذا لم يعين نوعه ؛ لأنها أمان تريد السن وهي لا تقبل فيه بدون بيان ولفرض أنها لم تبن ، أو الاحتلام وهي لا تقبل فيه على هذا التقدير

                                                                                                                              ( قوله : وإنما توقف عليها ) أي على اليمين ش ( قوله : لأنه لا يلزم من تحليفه المحذور ) أي لأن الفرض بلوغه حين التحليف إذ صورة المسألة أنه بالغ بعد انقضاء الحرب مدع أنه كان بالغا قبل انقضائها فيحلف بعد الانقضاء على أنه كان بالغا حينئذ كما صور بذلك في شرح الروض ( قوله : وإثبات ) عطف على إعطاء ش ( قوله ويشترط فيه ) أي إقامتها ش ( قوله : للاختلاف فيه ) لا يقال إنما يظهر هذا إن كان [ ص: 356 ] ذهب أحد إلى أنه أقل من خمسة عشر ، ويحتمل أن الأمر كذلك على أنه يكفي في التعليل أن الشاهد قد يظن كفاية دون الخمسة عشر ؛ لأنا نقول : منهم من ذهب إلى أنه أكثر من خمسة عشر .

                                                                                                                              ( قوله نعم لا يبعد إلخ ) اعتمده م ر . ( قوله موافق للحاكم في مذهبه ) ينبغي أو حنفي ، والحاكم شافعي ؛ لأن السن عند الحنفي أكثر منه عند الشافعي ، فيلزم من وجوده عند الحنفي وجوده عند الشافعي ، فالشاهد الفقيه الحنفي سواء أراد السن عنده أو عند الشافعي يثبت المطلوب .

                                                                                                                              ( قوله وهي ) أي : البينة ش ( قوله كما رجحه الأذرعي ) أي : من وجهين في فتاوى القاضي أحدهما : أنه يصدق والأوجه : حمل ما رجحه على الندب ، فإن تعذر الاستفسار حكم ببلوغه أخذا من مسألة الأنوار المذكورة م ر . ( قوله إلا أن يفرق بأن عدالتهما إلخ ) قيل : هذا الفرق ليس بشيء ا هـ . فليتأمل



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : فإن ادعى الصبي . إلخ ) أي ليصح إقراره ، أو ليتصرف في أمواله . ا هـ . ع ش ( قوله الصبي ) إلى قول المتن ، وإن ادعاه في المغني إلا قوله : ولا ينافيه إلى المتن وقوله : احتياطا إلى وإذا قول المتن ( مع الإمكان صدق ) ويظهر أنه ، لا بد من المصادقة في سن الإمكان ، أو ثبوته بالبينة . ا هـ . سيد عمر ( قوله : بأن بلغ . . إلخ ) عبارة النهاية والمغني بأن كان في سن يحتمل البلوغ وقد مر بيان زمن الإمكان في الحيض والحجر . ا هـ . قال ع ش ، وهو تسع سنين تحديدية في خروج المني وتقريبية في الحيض ولا بد في ثبوت ذلك من بينة عليه . ا هـ . أي : أو مصادقة كما مر آنفا عن السيد عمر ( قوله : لأنه ) أي إثبات الحيض بالبينة ( مع ذلك . إلخ ) أي إمكان ، وفي تقريب هذا الدليل نظر ( قوله : إن خوصم . إلخ ) عبارة المغني ، وإن فرض ذلك في خصومة وادعى خصمه صباه ليفسد معاملته ؛ لأنه إن كان صادقا ، فلا حاجة إلى اليمين وإلا فلا فائدة فيها ؛ لأن يمين الصبي غير منعقدة . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : عليها ) أي اليمين ( قوله : إعطاء غاز ) من المصدر المضاف إلى مفعوله ( قوله : ادعى ) أي بعد القطع بلوغه كما يأتي ( قوله : قبل انقضاء . إلخ ) متعلق بالاحتلام ( قوله : لأنه لا يلزم . إلخ ) أي لأن الفرض بلوغه حين التحليف إذ صورة المسألة أنه بالغ بعد انقضاء الحرب مدع أنه كان بالغا قبل انقضائها فيحلف بعد الانقضاء أنه كان بالغا حينئذ كما صرح بذلك في شرح الروض سم على حج . ا هـ . ع ش ( قوله : وإثبات ا سم . إلخ ) عطف على إعطاء غاز . ا هـ . ع ش ( قوله : لا خصم هنا ) أي في دعوى ولد المرتزق الاحتلام ويحتمل أنه راجع إلى الغازي أيضا ( قوله : وإذا لم يحلف ) أي مدعي البلوغ بما ذكر ( قوله : لانتهاء الخصومة بقبول قوله أولا ) أي وقت الخصومة بلا يمين ويؤخذ منه أنه لو قال وقعت الخصومة في زمن يقطع ببلوغه فيه فادعى أن تصرفه وقع في الصبا حلف ، وهو كذلك . ا هـ . ع ش ( قوله : ويشترط فيه ) أي في إقامتها . ا هـ . سم ( قوله : إذا تعرضت . إلخ ) قد يفهم أنه لا يشترط هنا تعرض البينة للسن ، وليس بمراد عبارة النهاية والمغني ولا بد في بينة السن بيان قدره ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أن نبينه ) أي البينة قدر السن ( قوله للاختلاف فيه ) لا يقال إنما يظهر ذلك إذا كان ذهب أحد إلى أنه أقل من خمسة عشر ويحتمل أن الأمر كذلك على أنه يكفي في التعليل أن الشاهد قد يظن كفاية دون الخمسة عشر لأنا نقول منهم من ذهب إلى أنه أكثر من خمسة عشر . ا هـ . سم ، وفي تقريب هذا [ ص: 356 ] الجواب تأمل

                                                                                                                              ( قوله : نعم لا يبعد الإطلاق ) أي بأن شهد بأنه بالغ بالسن وسكت عن بيان قدره ( قوله : موافق للحاكم في مذهبه ) ينبغي ، أو حنفي والحاكم شافعي ؛ لأن السن عند الحنفي أكثر منه عند الشافعي فيلزم من وجوده عند الحنفي وجوده عن الشافعي فالشاهد الفقيه الحنفي سواء أراد السن عنده ، أو عند الشافعي يثبت المطلوب سم على حج . ا هـ . ع ش ( قوله ؛ لأن هذا ) أي سن البلوغ ( قوله : وبه يفرق ) أي بالتعليل ( قوله : وهي ) أي البينة ( قوله : تبعا ) أي للولادة ( قوله : ما لو ادعاه ) أي لبلوغ ( قوله كما رجحه الأذرعي ) ويمكن حمله على الندب إذ الأوجه القبول مطلقا . ا هـ . نهاية أي فسره أم لا ع ش عبارة سم والأوجه حمل ما رجحه على الندب فإن تعذر الاستفسار حكم ببلوغه أخذا من مسألة الأنوار المذكورة م ر . ا هـ . وقوله : فإن تعذر الاستفسار حكم ببلوغه اعتمده المغني أيضا ( قوله : اتجه العمل بأصل الصبا ) تقدم آنفا عن النهاية والمغني و سم خلافه ( قوله : ما رجحه ) أي الأذرعي ( قوله : قول الأنوار . إلخ ) اعتمده النهاية والمغني ( قوله : إلا أن يفرق ) أي بين الدعوى المطلقة والشهادة المطلقة ( قوله : بأن عدالتهما . إلخ ) هذا الفرق ليس بشيء . ا هـ . نهاية قال ع ش لم يبين م ر وجه الرد للفرق مع أنه قد يقال إن الفرق ظاهر قوي في نفسه . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أحد نوعيه ) أي من السن والاحتلام . ا هـ . ع ش ( قوله : وإنما يتجه ) أي قول الأنوار ( قوله : ومع ذلك ) أي الاتجاه المذكور ( قوله : بين هذا ) أي بينة مطلق البلوغ حيث يجب استفسارها ( قوله : وما قدمته . إلخ ) أي بقوله : نعم لا يبعد الإطلاق . إلخ ( قوله : هنا ) أي في البلوغ المطلق




                                                                                                                              الخدمات العلمية