الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويستحق بيع المرهون عند الحاجة ) إليه بأن حل الدين ولم يوف أو أشرف الرهن على الفساد قبل الحلول وقضية هذا أنه لا يلزم الراهن التوفية من غير الرهن ، وإن طلبه المرتهن وقدر عليه وبه صرح الإمام واستشكله ابن عبد السلام بأنه حينئذ يجب أداؤه فورا فكيف ساغ له التأخير ويجاب بحمل كلام الإمام على تأخير يسير عرفا للمسامحة به حينئذ أو يقال لما رضي المرتهن بتعلق حقه بالرهن كان رضا منه بتأخير حقه إلى تيسر بيعه واستيفائه من ثمنه ثم رأيت السبكي اختار وجوب الوفاء فورا من الرهن أو غيره [ ص: 83 ] وأنه من غيره لو كان أسرع وطلبه المرتهن وجب وهو متجه ، ولا ينافيه أن المرتهن لو طلب البيع فأبي الراهن ألزمه القاضي قضاء الدين أو بيعه ؛ لأن التخيير إنما هو لاحتمال أنه يبقي الرهن لنفسه فيلزم حينئذ بالوفاء من غيره فلا ينافي انحصار حقه فيه إذا تيسر بيعه كما قدمناه ( ويقدم المرتهن ) بعد بيعه ( بثمنه ) على سائر الغرماء لتعلق حقه به وبالذمة وحقهم مرسل فيها فقط ( ويبيعه الراهن أو وكيله بإذن المرتهن ) أو وكيله ؛ لأن الحق له .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله بأن حل الدين ) في شرح العباب فروع من الأنوار وغيره إذا حل الدين فقال الراهن للمرتهن رد الرهن حتى أبيعه لم يلزمه الرد بل يباع وهو في يده فإذا وصل حقه إليه سلمه للمشتري برضا الراهن أو للراهن برضا المشتري فإن امتنعا فإلى الحاكم وإن قال له أحضر الرهن لأبيعه وأسلم الثمن إليك أو أبيعه منك لم يلزمه الإجابة فإن أجابه واشتراه ولو بالدين جاز وكذا لو وكل من يشتريه له إذا عرض للبيع ولم يتأت البيع إلا بإحضار الرهن ولم يثق بالراهن أرسل الحاكم أمينه ليحضره وأجرته على الراهن وللراهن بعد بيعه وفاؤه من غير ثمنه أي حيث لا تأخيرا هـ ولا يسلم المشتري الثمن إلى أحدهما إلا بإذن الآخر فإن تنازعا فالحاكم م ر وقوله فيما مر برضا الراهن أي إذا كان له حق الحبس كما هو واضح ثم قوله برضا المشتري أي ما لم يكن له حق الحبس وإلا لم يحتج إلى رضاه كما هو ظاهر م ر وقوله لم تلزمه الإجابة لعل هذا إذا تأتى البيع بلا إحضار أخذا من قوله ولو لم يتأت إلخ .

                                                                                                                              ( قوله واستشكله ابن عبد السلام ) قال السبكي وهو معذور في إشكاله قال شيخنا الشهاب البرلسي خصوصا إذا عرض حمل بعد الرهن واستمر الحمل وقت الحلول فإنه يتعذر بيعها حتى تضع كما سيأتي هذا ولكن يمكن الجواب عن الإشكال بأنه ليس من اللائق أن يستمر الراهن محجورا عليه في العين المرهونة مع مطالبته من مال آخر حال الحجر فيها فإن كان المرتهن حريصا على ذلك فليفك الرهن وهذا معنى حسن ظهر لي يمكن أن يوجه به كلام الأصحاب ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ثم رأيت السبكي اختار إلخ ) ويمكن حمل ما اختاره السبكي على ما إذا أدى ذلك لتأخير من غير غرض صحيح م ر [ ص: 83 ] قوله ولا ينافيه ) إن أراد لا ينافي ما اختاره السبكي كما هو ظاهر فلا يخفى ما فيه لأن السبكي يوجب الوفاء من غيره إذا كان أسرع وإن تيسر البيع خلاف قوله فلا ينافي إلخ .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ويستحق ) ببناء المفعول . قول المتن ( عند الحاجة ) وللمرتهن إذا كان بدينه رهن وضامن طلب وفائه من أيهما شاء تقدم أحدهما أو لا فإن كان رهن فقط فله طلب بيع المرهون أو وفاء دينه فلا يتعين طلب البيع ا هـ نهاية .

                                                                                                                              ( قوله بأن حل الدين ) في شرح العباب فروع من الأنوار وغيره إذا حل الدين فقال الراهن للمرتهن رد الرهن حتى أبيعه لم يلزمه الرد بل يباع وهو في يده فإذا وصل حقه إليه سلمه للمشتري برضا الراهن أو للراهن برضا المشتري فإن امتنعا فإلى الحاكم وإن قال له أحضر الرهن لأبيعه وأسلم الثمن إليك أو أبيعه منك لم يلزمه الإجابة فإن أجابه واشتراه ولو بالدين جاز لو وكل من يشتريه له إذا عرض للبيع ولو لم يتأت البيع إلا بإحضار الرهن ولم يثق بالراهن أرسل الحاكم أمينه ليحضره ، وأجرته على الراهن وللراهن بعد بيعه وفاؤه من غير ثمنه أي حيث لا تأخير ا هـ ولا يسلم المشتري الثمن إلى أحدهما إلا بإذن الآخر فإن تنازعا فالحاكم م ر وقوله فيما مر برضا الراهن أي إذا كان له حق الحبس كما هو واضح ثم قوله برضا المشتري أي ما لم يكن له حق الحبس وإلا لم يحتج إلى رضاه كما هو ظاهر م ر وقوله لم تلزمه الإجابة لعل هذا إذا تأتى البيع بلا إحضار أخذا من قوله ولو لم يتأت إلخ ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله وقضيته هذا ) أي المتن ( قوله وإن طلبه ) ( وقوله وقدر عليه ) أي التوفية من غير الرهن ا هـ نهاية قال ع ش قال ع وطريق المرتهن في طلب التوفية من غير المرهون أن يفسخ الرهن لجوازه من جهته ويطالب الراهن بالتوفية ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وبه ) أي بعدم اللزوم ( صرح الإمام ) اعتمده النهاية ( قوله بأنه حينئذ ) أي حين إذ طلب المرتهن الوفاء وقدر عليه الراهن ( قوله فكيف ساغ له التأخير ) أي إلى تيسير البيع ( قوله أو يقال إلخ ) اقتصر عليه النهاية ( قوله كان رضا منه بتأخير حقه إلخ ) ظاهره وإن طالت المدة وهو كذلك حيث كان للراهن غرض صحيح في التأخير كما يأتي ا هـ ع ش أي في النهاية ( قوله كان ) أي رضا المرتهن بتعلق إلخ ( وقوله رضي منه إلخ ) خبر كان والجملة جواب لما ا هـكردي .

                                                                                                                              ( قوله رأيت السبكي إلخ ) ويمكن حمل ما اختاره السبكي على ما إذا أدى ذلك لتأخير من غير غرض صحيح شرح م ر ا هـ سم قال ع ش قوله من غير [ ص: 83 ] غرض إلخ أي للراهن في التأخير ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وأنه ) أي الوفاء عطف على وجوب إلخ ( قوله وهو متجه ) وفاقا للمغني ( فقوله ولا ينافيه ) أي لا ينافي اختيار السبكي ما يأتي عن المصنف أن المرتهن إلخ ا هـ كردي عبارة سم إن أراد لا ينافي ما أختاره السبكي كما هو ظاهر فلا يخفى ما فيه ؛ لأن السبكي يوجب الوفاء من غيره إذا كان أسرع وإن تيسر البيع خلاف قوله فلا ينافي ا هـ وقال السيد قوله ولا ينافيه أن المرتهن إلخ أي لا ينافي ما تقرر ما في المتن من استحقاق بيع المرهون إلخ ا هـ أقول صنيع النهاية حيث قال قبيل ذكر كلام السبكي ما نصه ولا ينافي ذلك ما يأتي من إجباره على الأداء أو البيع لأنه بالنسبة للراهن حتى يوفي مما اختاره لا بالنسبة للمرتهن حتى يجبره على الأداء من غير الرهن ا هـ أن مرجع الضمير ما تقدم عن الإمام ( قوله فيلزم ) ببناء المفعول من الإلزام .

                                                                                                                              ( قوله فلا ينافي إلخ ) أي ولما كان المراد من التخيير الآتي في المتن ذلك الاحتمال فكما لا ينافي ذلك اختيار السبكي لا ينافي ما قدمناه أيضا من انحصار حق المرتهن في المرهون إذا تيسر بيعه لاحتمال أنه لا يبقى الرهن لنفسه فيلزمه حينئذ البيع ا هـ كردي ( قوله كما قدمناه ) يعني قوله وقضية هذا أنه لا يلزم إلخ فإن مفاده الانحصار ا هـ كردي أقول بل الظاهر أنه أراد بذلك قوله أو يقال لما رضي المرتهن إلخ قول المتن ( ويقدم المرتهن إلخ ) أي إن لم يتعلق برقبته جناية كما يأتي قول المتن ( بإذن المرتهن ) أي ولا ينزع من يده كما تقدم ا هـ ع ش ( قوله أو وكيله ) إلى التنبيه في النهاية والمغني إلا قوله ولا عذر إلى المتن وقوله أو أذن إلى ولو عجز وقوله وهو مشكل إلى المتن ( قوله لأن الحق له ) عبارة النهاية والمغني لأن له فيه حقا ا هـ وهي أحسن .




                                                                                                                              الخدمات العلمية