الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن رفعه هذا المسروق منه فقطعه ولا مال عنده إلا قيمة سلعته التي سرق ، وقد كان سرق قبل ذلك من ناس شتى ، فلما قطع لهذا الذي رفعه وأخذ منه قيمة متاعه ، قدم الذين سرق منهم قبل ذلك فقاموا على هذه القيمة التي أخذها هذا الذي قطع يد السارق ؟ قال : أرى إن كان ذلك اليسر الذي وجده عنده لم يزل دائما منذ سرق منهم كلهم فإنهم شركاء في تلك القيمة ، وإن كان يسرا حدث نظر إلى كل سرقة سرقها في يسره ذلك الذي حدث ، فكانوا في هذه القيمة شركاء ، يضرب لكل واحد منهم بقيمة سرقته ، وليس للذين سرق منهم قبل ذلك اليسر في هذه القيمة قليل ولا كثير ، لأن هذا يسر حدث بعد سرقته ، لأنه لو قطع له وحده لم يكن له في هذا اليسر قليل ولا كثير ، وإنما كان يدخل مع هؤلاء في هذه القيمة لو أن يسره تمادى به من يوم سرق منه إلى يوم قطع . قلت : ولا ينظر إلى من قضى له بالقيمة وأصحابه غيب فيجعلها له دونهم ، لأنه قد حكم له بها دونهم ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا ، لأنه بمنزلة رجل فلس ، ولرجل غائب عليه دين ، فقضى هؤلاء الحضور وترك الغائب وقدم ، فإنه يدخل فيما أخذ هؤلاء الحضور ، يضرب في ذلك بمقدار دينه . ولو داينه قوم آخرون بعد إفلاسه لم يكن للغائب في ماله قليل ولا كثير ، وإنما يتبع الأولين الذين فلسوه وقسم لهم ماله وكذلك السارق .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية