الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت الشاة ، إذا باعها الرجل ، أو البعير أو البقرة ، واستثنى منها ثلثا أو ربعا أو نصفا ، أو استثنى جلدها أو رأسها أو فخذها أو كبدها أو صوفها أو شعرها أو أكارعها ، أو استثنى بطونها كلها أو استثنى منها أرطالا مسماة كثيرة أو قليلة ، أيجوز هذا البيع كله في قول مالك أم لا ؟ .

                                                                                                                                                                                      قال : أما إذا استثنى ثلثا أو ربعا أو نصفا فلا بأس بذلك عند مالك ، وأما إذا استثنى جلدها أو رأسها فإنه إن كان مسافرا فلا بأس بذلك ، وأما إن كان حاضرا فلا خير فيه . قلت : لم أجازه مالك في السفر وكرهه في الحضر ؟ قال : السفر إذا استثنى البائع فيه الرأس والجلد فليس لذلك عند المشتري ثمن . قال مالك : وأما في الحضر ، فلا يعجبني ولا ينبغي ; لأن المشتري إنما يطلب بشرائه اللحم .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن قال المشتري إذا اشترى في السفر واستثنى البائع جلدها ورأسها ، فقال المشتري لا أذبحها ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا ، إلا أن مالكا قال في الرجل يبيع البعير الذي قد قام عليه بيعه من أهل المياه ، ويستثني البائع جلده ويبيعهم إياه لينحروه فاستحيوه ، قال مالك : أرى لصاحب الجلد شروى جلده .

                                                                                                                                                                                      قال : فقلت لمالك : أو قيمة الجلد ؟ قال مالك : أو قيمته ، كل ذلك واسع . قال : قلت : ما معنى شروى جلده عند مالك ؟ قال : جلد مثله . قال : فقيل لمالك : أرأيت إن قال صاحب الجلد : أنا أرضى أن أكون شريكا في البعير بقدر الجلد ؟ قال مالك : ليس له ذلك ، يبيعه على الموت ويكون شريكا على الحياة ، ليس ذلك له . وليس له إلا قيمة جلده أو شرواه . فمسألتك في المسافر مثل [ ص: 9 ] هذا .

                                                                                                                                                                                      قال : وأما إذا استثنى فخذها ، فلا خير فيه . قلت : وهذا قول مالك في الفخذ ؟ قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قال : وأما إذا استثنى كبدها ، فإن مالكا قال : لا خير في البطون ، فالكبد من البطون .

                                                                                                                                                                                      قال : وأما إذا استثنى صوفها أو شعرها ، فإن هذا ليس فيه اختلاف أنه جائز . قال : وأما الأرطال إذا استثناها ؟ قال مالك : إن كان الشيء الخفيف ، الثلاثة الأرطال والأربعة ، فذلك جائز .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إذا استثنيت أرطالا فقال المشتري لا أذبح ؟ قال : أرى أن يذبح على ما أحب أو أكره .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية