الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن أوصى بوصايا فورث مالا لم يعلم به أو علم به ، أيكون لأهل الوصايا في ذلك المال شيء أم لا في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : كل من أوصى بعتق أو غيره وله مال لم يعلم به مثل الميراث ، يكون بأرض قد ورثه ولم يعلم به فمات فإن ذلك لا تدخل فيه الوصايا ، لا عتق ولا غيره .

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : إلا أن يكون قد علم به بعدما أوصى قبل أن يموت ، فإن الوصايا تدخل فيه علم به في مرضه أو غير مرضه ، فذلك سواء تدخل الوصايا .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : قال مالك : إلا المدبر في الصحة فإنه يدخل فيما علم به وفيما لم يعلم به في الحاضر والغائب .

                                                                                                                                                                                      قال : وكذلك كل دار أعمرها أو أرض حبسها في صحته فرجعت بعد موته ، فإن الوصايا تدخل فيها إذا كانت ترجع غير حبس ، فإن الوصايا تدخل في ذلك . قال : وهذا قول مالك .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن كانت إنما رجعت إليه هذه الأحباس مالا بعد موته بعشرين سنة ، وقد اقتسموا المال إلا أن أهل الوصايا لم يستكملوا وصاياهم ؟ قال : يرجعون في هذا الذي رجع من هذا الحبس لأنه إنما رجع مالا للميت ، فيأخذون ثلثه وهذا الحبس إذا كان إنما هو عمرى أو سكنى هو الذي يرجع ميراثا وترجع فيه الوصايا ، فأما الحبس المبتل فلا يرجع ميراثا ولا ترجع فيه [ ص: 350 ] الوصايا .

                                                                                                                                                                                      ابن وهب عن عبد الرحمن بن أبي الموالي المدني يحدث عن عبد الحكم بن عبد الله رجلا أوصى بثلث ماله فقال : على ثلثه ، ثم وجد للرجل مال ورثه من نسيب له لم يعلم به فقال صاحب الثلث : لي في هذا حصة ، فقال رجل من القوم : هل لك أن أعطيك ثلاثين دينارا ؟ فأبى ، فاختصما إلى عمر بن عبد العزيز وأبان بن عثمان عنده فقال له أبان : خذ الثلاثين ، قال : أصلحك الله . المال أكثر من ذلك . فقال أبان : لا ثلاثين لك ولا غيرها ، إنما أوصى الرجل فيما عرف وليس له حق فيما لم يعرف . قال : وأخبرني يزيد بن عياض عن الأسود بن عبد الله بن هشام أن عمر بن عبد العزيز قضى عليه بمشورة أبان بن عثمان قال أبان : وهو الذي نوى حين أوصى . رجال من أهل العلم عن عمر بن عبد العزيز ويحيى بن سعيد وربيعة ومكحول أن وصيته لا تجوز إلا فيما علم من ماله . مسلمة بن علي عن عبد الرحمن بن يزيد عن مكحول أنه قال في رجل أوصى بالثلث ثم قتل . قال : ليس لأهل الوصايا من الدية شيء .

                                                                                                                                                                                      وقال ربيعة في رجل أوصى فقال : كل مملوك لي حر ، وقد ورث رقيقا باليمن حين قال ذلك - لم يعلم بهم - قال ربيعة : هم مملوكون . وسألت مالكا عن ذلك فقال : لا يعتق عليه إلا من علمه منهم ، ومن غاب علمه عنه فلا يعتق ، وقال : لأن الناس إنما يوصون فيما علموا من أموالهم . قال ذلك أبان بن عثمان وغيره .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية