الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      عقل جراح المرأة قلت : أرأيت المرأة ، إليه كم توازي الرجل ، إلى ثلث ديتها هي أم إلى ثلث دية الرجل ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : إلى ثلث دية الرجل ولا تستكملها ، أي إذا انتهت إلى ثلث دية الرجل رجعت إلى عقل نفسها . وتفسير ذلك : أن لها في ثلاثة أصابع ونصف أنملة أحدا وثلاثين بعيرا وثلثي بعير ، فإن أصيب هذا منها كانت فيه ، والرجل سواء ، فإن أصيب منها ثلاثة أصابع وأنملة رجعت إلى عقل نفسها وكان لها في ذلك ستة عشر بعيرا وثلثا بعير . وكذلك مأمومتها وجائفتها إنما لها في ذلك ستة عشر بعيرا وثلثا بعير في كل واحدة منهما ، لأنها قد وازنت الرجل في هذا كله إلى الثلث ، فترد إذا بلغت الثلث إلى ديتها . قال : وقال لي مالك : وإذا قطعت أصبع من كف المرأة أخذت عشرا من الإبل ، فإن قطعت لها أخرى بعد ذلك من تلك الكف أيضا أخذت عشرا أخرى ، فإن قطعت لها أخرى بعد ذلك من تلك الكف أيضا أخذت عشرا ، فإن قطعت أخرى بعد ذلك الكف لم يكن فيها إلا خمس من الإبل ، وإن قطعت الخامسة بعد ذلك لم يكن لها إلا خمس من الإبل .

                                                                                                                                                                                      قال مالك : وإن قطعت ثلاثة أصابع في مرة واحدة من كف واحدة كان لها [ ص: 568 ] فيها ثلاثون بعيرا ، فإن قطعت بعد ذلك من تلك الكف الأصبعان الباقيان - جميعا معا أو مفترقين - لم يكن لها في ذلك إلا خمس خمس في كل أصبع . فقلنا لمالك : فإن قطع لها ثلاثة أصابع من كف واحدة فأخذت الثلاثين من الإبل ثم قطعت بعد ذلك من الكف الأخرى أصبع أو أصبعان أو ثلاثة أصابع مفترقة أو قطعت جميعا معا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : يبتدأ فيها الحكم كما ابتدئ في اليد الأخرى . وتفسيره أن لها في الكف الثانية في الثلاثة أصابع ثلاثين بعيرا كما فسرت لك في الكف الأولى .

                                                                                                                                                                                      قال مالك : وإن قطع لها أصبعان من كل يد في ضربة واحدة كان لها على حساب عقلها خمس خمس من عقلها في كل أصبع ، لأنها أربعة أصابع فقد جاوزت الثلث والقطع معا .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : وتفسيره ما قال مالك لنا : فإن قطعت أصبع من إحدى اليدين بعد ذلك أعطيت عشرا من الإبل ، وإن قطعت من اليد الأخرى أصبع أخذت عشرا ، وإن قطعت جميعا - هاتان الأصبعان - في ضربة واحدة كان لها عشر عشر ، فما زاد بعد ثلاثة أصابع من كل كف كان لها خمس خمس - كان القطع معا أو كان مفترقا . فإن قطعت من يد أصبع ومن يد أخرى ثلاثة أصابع في ضربة واحدة أخذت خمسا خمسا ، فإن قطع بعد ذلك - من الكف الذي قطع منها ثلاثة أصابع - أصبع ، ومن الكف التي قطع منها أصبع واحدة - أصبع أخرى - في ضربة واحدة ، أخذت للأصبع التي قطعت من الكف التي كانت قد قطعت منها ثلاثة أصابع خمسا في الأصبع الرابعة ، وأخذت للأصبع التي قطعت من الكف التي كانت قد قطعت منها أصبع واحدة عشرا . وإن اجتمعتا في ضربة واحدة أو تفرقا ، فذلك سواء ما لم تقطع في ضربة واحدة من اليدين أربعة أصابع . قال : ولو قطعت من الكف التي قطعت منها ثلاثة أصابع أصبع ، ومن الكف التي قطع منها أصبع أصبعان في ضربة واحدة ، أخذت للأصبعين عشرين من الإبل وأخذت للأصبع خمسا . ورجلاها بهذه المنزلة على ما فسرت لك من اليدين ، وهذا كله قول مالك وتفسيره . قال ابن القاسم : ولو قطع منها أصبعان عمدا فاقتضت أو عفت ، ثم قطع من تلك الكف أصبعان أيضا خطأ ، فإنه يأخذ لها عشرين بعيرا ولا يضاف هذا إلى ما قطع قبله ، لأن الذي قطع أولا لم يكن له دية ، وإنما كان عمدا وإنما يضاف بعض الأصابع إلى بعض في الخطأ .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية