الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت لو أن عبدا بين رجلين أعتق أحدهما حصته وهو موسر ، فجنى العبد جناية قبل أن يقوم على المعتق ؟

                                                                                                                                                                                      قال : يقال للمتمسك بالرق : إن شئت فأسلم نصف العبد بنصف دية هذه الجناية ، وإن شئت فافده بنصف دية الجناية . فإن فداه كان له أن [ ص: 584 ] يضمن الذي أعتق ويقوم عليه ، وإن أسلمه كان للذي أسلم إليه العبد بالجناية أن يلزم المعتق بنصف قيمته ، ويكون نصف الجناية على النصف المعتق من العبد يتبع به . وقال : ولا تتبع العاقلة بشيء مما صار على النصف المعتق ، وإن كان أكثر من الثلث .

                                                                                                                                                                                      قلت : ولا يضمن المعتق حصة صاحبه ثم يقال للمعتق : ادفع أو افد ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا ; لأن الجناية كانت في ملك المتمسك بالرق فلزمت رقبة العبد قبل أن يقوم نصيبه على صاحبه ، فإنما يقوم نصيبه على صاحبه بالعيب الذي لزم نصيبه ، لأن مالكا قال : ينظر إلى قيمة النصيب يوم يقوم العبد بتمامه ونقصانه . قال : وإنما ضمنت المعتق للمدفوع إليه العبد بالجناية ، لأن هذا لما أعتق كان ضامنا . فالمدفوع إليه بالجناية هو بمنزلة شريك المعتق الدافع العبد بجنايته . قال : ولو أن هذا العبد لما أعتق نصفه وهب شريك هذا المعتق نصيبه لرجل لضمنت المعتق للذي وهب له الشقص ، ولا يشبه هذا الذي قال مالك في البيع : إنه يرد ولا يجوز بيع نصيبه إذا كان الذي أعتق موسرا ، لأن البيع إنما هو غرر ، وليست الهبة غررا لأن البائع كأنه باعه بكذا وكذا دينارا على أن يأخذ بدنانيره قيمة العبد ، لأنه قد علم أنه يقوم على المعتق ، وهذا المشتري لا يدري أيأخذ أقل من الدنانير التي أعطى أو أكثر ، وإن باعه بعروض كان كذلك أيضا إنما باع عروضه بدنانير لا يدري ما هي .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية