الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4678 458 - حدثنا إسماعيل بن عبد الله ، حدثنا مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن أبي صالح السمان ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الخيل لثلاثة : لرجل أجر ، ولرجل ستر ، وعلى رجل وزر ، فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله ، فأطال لها في مرج ، أو روضة ، فما أصابت في طيلها ذلك في المرج والروضة كان له حسنات ، ولو أنها قطعت طيلها ، فاستنت شرفا ، أو شرفين كانت آثارها وأرواثها حسنات له ، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ، ولم يرد أن يسقي به كان ذلك حسنات له ، فهي لذلك الرجل أجر ، ورجل ربطها تغنيا وتعففا ، ولم ينس حق الله في رقابها ، ولا ظهورها ، فهي له ستر ، ورجل ربطها فخرا ورئاء ونواء ، فهي على ذلك وزر ، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمر ، قال : ما أنزل الله علي فيها إلا هذه الآية الفاذة الجامعة فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : " فمن يعمل مثقال ذرة " إلخ ، وأبو صالح السمان اسمه ذكوان .

                                                                                                                                                                                  والحديث قد مضى في الشرب عن عبد الله بن يوسف ، وفي الجهاد وعلامات النبوة عن القعنبي ، ومر الكلام فيه ولنذكر بعض شيء .

                                                                                                                                                                                  قوله : " في مرج " ، وهو الموضع الذي ترعى فيه الدواب . قوله : " طيلها " بكسر الطاء ، وفتح الياء آخر الحروف ، وهو الحبل الذي يطول للدابة ، ويشد أحد طرفيه في الوتد . قوله : " فاستنت " ، يقال : استن إذا ألح في العدو . قوله : " شرفا " بفتح الشين المعجمة ، والراء ، وهو الشوط ، وسمي به ; لأن العادي به يشرف على ما يتوجه إليه . قوله : " تغنيا " ، أي استغناء عن الناس ، أو بنتاجها وتعففا عن السؤال يتردد عليها إلى متاجره ومزارعه ونحوها ، فتكون سترا له تحجبه عن الفاقة . قوله : " ولم ينس حق الله في رقابها " بأن يؤدي زكاتها ، وبه احتج أبو حنيفة في زكاة الخيل . قوله : " ولا ظهورها " ، أي ولا في ظهورها بأن يركب عليها في سبيل الله . قوله : " ونواء " بكسر النون ، أي مناوأة ، أي معاداة . قوله : " الفاذة " بالفاء ، وبالذال المعجمة المشددة ، أي الفردة ، وجعلها فاذة لخلوها عن بيان ما تحتها من التناسل أنواعها ، وقيل : إذ ليس مثلها آية أخرى في قلة الألفاظ وكثرة المعاني ، لأنها جامعة لكل أحكام الخيرات والشرور ، وقيل : جامعة لاشتمال اسم الخير على أنواع الطاعات ، والشر على أنواع المعاصي ، ودلالة الآية على الجواب من حيث إن سؤالهم كان إن الحمار له حكم الفرس أم لا ، فأجاب بأنه إن كان لخير فلا بد أن يرى خيره ، وإلا فبالعكس ، والله أعلم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية