الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4461 259 - حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا أيوب بن النجار ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة [ ص: 62 ] ابن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : حاج موسى آدم ، فقال له : أنت الذي أخرجت الناس من الجنة بذنبك وأشقيتهم ؟ قال : قال آدم : يا موسى ، أنت الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه ، أتلومني على أمر كتبه الله علي قبل أن يخلقني ، أو قدره علي قبل أن يخلقني ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فحج آدم موسى .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا طريق آخر في الحديث المذكور قبل هذا الباب ، ومطابقته للترجمة يمكن أن تؤخذ من قوله : "وأشقيتهم" .

                                                                                                                                                                                  وأيوب بن النجار بفتح النون وتشديد الجيم وبالراء أبو إسماعيل الحنفي اليمامي ، قوله : "أو قدره" شك من الراوي ، وعند مسلم : "أتلومني على أمر قدره علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة" ، وقال النووي : المراد بالتقدير هنا الكتابة في اللوح المحفوظ ، أو في صحف التوراة وألواحها أي كتبه علي قبل خلقي بأربعين سنة ، وقد صرح بهذا في الرواية التي بعد هذه ، وهو قوله : قال : بكم ، وجدت الله كتب التوراة قبل أن أخلق ، قال موسى : بأربعين سنة ، قال : أتلومني على أن عملت عملا كتبه الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة ، فهذه الرواية مصرحة ببيان المراد بالتقدير ، ولا يجوز أن يراد به حقيقة القدر ، فإن علم الله وما قدره على عباده وأراده من خلقه أزلي لا أول له ، فإن قلت : ما المعنى بالتحديد المذكور ، وجاء في الحديث أن الله قدر المقادير قبل أن يخلق الخلق بخمسين ألف سنة ، قلت : المعلومات كلها قد أحاط بها العلم القديم قبل وجود كل مخلوق ، ولكنه كتبها في اللوح المحفوظ زمانا دون زمان ، فجائز أن يكون كتب ما يجري لآدم قبل خلقه بأربعين سنة إشارة إلى مدة لبثه طينا ، فإنه بقي كذلك أربعين سنة فكأنه يقول : كتب علي ما جرى منذ سواني طينا قبل أن ينفخ في الروح ، والله سبحانه وتعالى أعلم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية