الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4542 [ ص: 161 ] ( أول العابدين أي ما كان فأنا أول الآنفين ، وهما لغتان : رجل عابد وعبد ، وقرأ عبد الله : وقال الرسول يا رب ، ويقال أول العابدين الجاحدين ، من عبد يعبد ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  قد مر عن قريب قوله : " أول العابدين " أول المؤمنين ، ومضى الكلام فيه وأعاد هنا أيضا لأجل معنى آخر على ما لا يخفى ، ولكنه لو ذكر كله في موضع واحد لكان أولى ، وفسر هنا أول العابدين بقوله : أي ما كان فأنا أول الآنفين ، فقوله : " أي ما كان " تفسير قوله إن كان للرحمن ولد وكلمة إن نافية ، أي ما كان له ولد ، قوله : " فأنا أول الآنفين " تفسير قوله أول العابدين ; لأن العابدين هنا مشتق من عبد بكسر الباء إذا أنف واشتدت أنفته .

                                                                                                                                                                                  قوله : " وهما لغتان " يعني عابد وعبد ، فالأول بمعنى المؤمن ، والثاني بمعنى الآنف ، وعبد بكسر الباء كذا بخط الدمياطي ، وقال ابن التين : ضبط بفتحها ، وقال : وكذا ضبط في كتاب ابن فارس ، وقال الجوهري : العبد بالتحريك الغضب ، وعبد بالكسر إذا أنف ، قوله : " من عبد يعبد " بمعنى جحد بكسر الباء في الماضي وفتحها في المضارع ، هكذا هو في أكثر النسخ ، ويروى بالفتح في الماضي والضم في المضارع ، وجاء الكسر في المضارع أيضا ، وقال ابن التين : ولم يذكر أهل اللغة عبد بمعنى جحد ، ورد عليه بما ذكره محمد بن عزيز السجستاني صاحب ( غريب القرآن ) أن معنى العابدين الآنفين الجاحدين ، وفسر على هذا : إن كان له ولد فأنا أول الجاحدين ، وهذا معروف من قول العرب : إن كان هذا الأمر قط ، يعني ما كان ، وعن السدي : أن إن بمعنى لو ، أي لو كان للرحمن ولد كنت أول من عبده بذلك ، لكن لا ولد له ، وقال أبو عبيدة : إن بمعنى ما ، والفاء بمعنى الواو ، أي ما كان للرحمن ولد وأنا أول العابدين ، قوله : " وقرأ عبد الله " يعني ابن مسعود ، وقال الرسول يا رب ، موضع : وقيله يا رب ، وكان ينبغي أن يذكر هذا عند قوله : " وقيله يا رب على ما لا يخفى " .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية