الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4656 436 - حدثنا سعيد بن النضر ، أخبرنا هشيم ، أخبرنا أبو بشر جعفر بن إياس ، عن مجاهد قال : قال ابن عباس : لتركبن طبقا عن طبق حالا بعد حال ، قال : هذا نبيكم صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، وسعيد بن النضر بسكون الضاد المعجمة البغدادي مر في أول التيمم ، وهشيم بضم الهاء ابن بشر ، وأبو بشر بكسر الباء الموحدة ، وسكون الشين المعجمة ، والحديث من أفراده .

                                                                                                                                                                                  قوله : " حالا بعد حال " ، أي حال مطابقة للشيء قبلها في الشدة ، وقيل : الطبق جمع طبقة ، وهي المرتبة ، أي هي طبقات بعضها أشد من بعض ، وقال الثعلبي : اختلف في معنى الآية ، فقال أكثرهم : حالا بعد حال ، وأمرا بعد أمر ، وهو مواقف القيامة ، وعن الكلبي مرة يعرفون ومرة يجهلون ، وعن مقاتل ، يعني : الموت ، ثم الحياة ، ثم الموت ، ثم الحياة ، وعن عطاء مرة فقر ، أو مرة غناء ، وعن ابن عباس الشدائد ، والأهوال الموت ، ثم البعث ، ثم العرض ، والعرب تقول لمن وقع في أمر شديد : وقع في ثبات طبق ، وفي إحدى ثبات طبق ، وعن أبي عبيدة سنن من كان قبلهم وأحوالهم ، وعن عكرمة حالا بعد حال : رضيع ، ثم فطيم ، ثم غلام ، ثم شاب ، ثم شيخ ، وقالت الحكماء : يشمل الإنسان كونه نطفة إلى أن يموت على سبعة وثلاثين حالا وسبعة وثلاثين اسما : نطفة ، ثم علقة ، ثم مضغة ، ثم عظاما ، ثم خلقا آخر ، ثم جنينا ، [ ص: 286 ] ثم وليدا ، ثم رضيعا ، ثم فطيما ، ثم يافعا ، ثم ناسيا ، ثم مترعرعا ، ثم حزورا ، ثم مراهقا ، ثم محتلما ، ثم بالغا ، ثم أمرد ، ثم طارا ، ثم باقلا ، ثم مستطرا ، ثم مطرخما ، ثم مخلطا ، ثم صملا ، ثم ملتحيا ، ثم مستويا ، ثم مصعدا ، ثم مجتمعا ، والشاب يجمع ذلك كله ، ثم ملهوزا ، ثم كهلا ، ثم أشمط ، ثم أشيخا ، ثم شبب ، ثم حوقلا ، ثم صفتاتا ، ثم هما ، ثم هرما ، ثم ميتا فهذا معنى قوله : " لتركبن طبقا عن طبق " ، والطبق في اللغة الحال ، قاله الثعلبي .

                                                                                                                                                                                  " قلت " : ثم يافعا بالياء آخر الحروف من أيفع الغلام ، أي ارتفع ، فهو يافع ، والقياس موفع ، وهو من النوادر كذا قاله أهل العربية ، وقيل : جاء يفع الغلام ، فعلى هذا يافع على الأصل ، وذكر في كتاب ( خلق الإنسان ) ، وقال بعضهم : اليافع ، والحزور ، والمترعرع واحد ، وقال الجوهري : الحزور الغلام إذا اشتد ، وقوي وحزم وكأنه أخذه من الحزورة ، وهي تل صغير ، والمترعرع ، قال الجوهري : ترعرع الصبي ، أي تحرك ونشأ ، والطار بتشديد الراء من طر شارب الغلام إذا نبت ، والمطرخم بتشديد الميم التي في آخره من اطرخم ، أي شمخ بأنفه وتعظم ، وقال الجوهري : شاب مطرخم ، أي حسن تام ، والمخلط بكسر الميم الرجل الذي يخالط الأمور ، والصمل بضم الصاد ، والميم ، وتشديد اللام ، أي شديد الخلق ، والملهوز بالزاي في آخره من لهزت القوم ، أي خالطتهم ، والواو فيه زائدة ، والحوقل من حوقل الشيخ حوقلة وحقيالا إذا كبر وفتر عن الجماع ، والصفتات بكسر الصاد المهملة ، وسكون الفاء وبتاءين مثناتين بينهما ألف الرجل القوي ، وكذلك الصفتيت ، وفي الأحوال المذكورة أسامي لم تذكر ، وهي شرخ بالخاء المعجمة بعد أن يقال : غلام ، ثم بعد ذلك يسمى جفرا بالجيم ، و الجحوش بالجيم المفتوحة بعدها الحاء المهملة المضمومة ، وفي آخره شين معجمة بعد أن يقال : فطيم ، وناشئ ، يقال بعد كونه شابا ، ومحمم إذا اسود شعر وجهه ، وأخذ بعضه بعضا ، وصتم إذا بلغ أقصى الكهولة ، وعانس إذا قعد بعد بلوغ النكاح أعواما لا ينكح ، وشميط ، وأشمط ، يقال له بعد ما شاب ، ومسن ونهشل ، يقال : إذا ارتفع عن الشيخوخة ، وإذا ارتفع عن ذلك يقال : فخم ، وإذا تضعضع لحمه يقال : متلحم ، وإذا قارب الخطو وضعف ، يقال له دالف ، وإذا ضمر ، وانحنى ، يقال له عشمة وعشبة ، وإذا بلغ أقصى ذلك يقال له هرم وهم ، وإذا أكثر الكلام واختلط ، يقال له مهتر ، وإذا ذهب عقله يقال له خرف .

                                                                                                                                                                                  وقال بعضهم : ما دام الولد في بطن أمه فهو جنين ، فإذا ولدته يسمى صبيا ما دام رضيعا ، فإذا فطم يسمى غلاما إلى سبع سنين ، ثم يصير يافعا إلى عشر حجج ، ثم يصير حزورا إلى خمس عشرة سنة ، ثم يصير قمدا إلى خمس وعشرين سنة ، ثم يصير عنطنا إلى ثلاثين سنة ، ثم يصير صملا إلى أربعين سنة ، ثم يصير كهلا إلى خمسين سنة ، ثم يصير شيخا إلى ثمانين سنة ، ثم يصير هما بعد ذلك فانيا كبيرا .

                                                                                                                                                                                  قوله : " هذا نبيكم صلى الله عليه وسلم " ، أي الخطاب في لتركبن للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهو على قراءة فتح الباء الموحدة ، فافهم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية