الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4550 323 - ( حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بشر ، عن يوسف بن ماهك ، قال : كان مروان على الحجاز استعمله معاوية ، فخطب ، فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه ، فقال له عبد الرحمن ابن أبي بكر شيئا ، فقال : خذوه ، فدخل بيت عائشة فلم يقدروا عليه ، فقال مروان : إن هذا الذي أنزل الله فيه والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني فقالت عائشة من وراء الحجاب : ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن إلا أن الله أنزل عذري ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، وأبو عوانة اسمه الوضاح ، وأبو بشر بكسر الباء الموحدة جعفر ابن أبي وحشية إياس ، ويوسف بن ماهك منصرف وغير منصرف ، وهو معرب ، ومعناه قمير مصغر القمر .

                                                                                                                                                                                  قوله : " كان مروان على الحجاز " أي أميرا على المدينة من قبل معاوية ، قوله : " فجعل يذكر يزيد بن معاوية " إلى آخره قد أوضحه الإسماعيلي في روايته بلفظ : أراد معاوية أن يستخلف يزيد ، فكتب إلى مروان - وكان على المدينة - فجمع الناس فخطبهم ، وقال : إن أمير المؤمنين قد رأى رأيا حسنا في يزيد ، ودعا إلى بيعة يزيد ، فقال عبد الرحمن : ما هي إلا هرقلية ، إن أبا بكر - والله - لم يجعلها في أحد من ولده ولا من أهل بلده ، ولا من أهل بيته ، فقال مروان : ألست الذي قال الله فيه والذي قال لوالديه أف لكما ، قال : فسمعتها عائشة ، فقالت : يا مروان أنت القائل لعبد الرحمن كذا وكذا ، والله ما أنزلت إلا في فلان بن فلان الفلاني ، وفي لفظ : والله لو شئت أن أسميه لسميته ، ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعن أبا مروان ، ومروان في صلبه ، فمروان فضض ، أي قطعة من لعنة الله - عز وجل - ، فنزل مروان مسرعا حتى أتى باب عائشة - رضي الله تعالى عنها - فجعل يكلمها وتكلمه ، ثم انصرف ، وفي لفظ : فقالت عائشة : كذب والله ما نزلت فيه .

                                                                                                                                                                                  قوله : " فقال له عبد الرحمن ابن أبي بكر شيئا " ولم يبين ما هذا الشيء الذي قاله عبد الرحمن لمروان ، وأوضح ذلك الإسماعيلي في روايته : فقال عبد الرحمن : ما هي إلا هرقلية ، وله من طريق شعبة عن محمد بن زياد فقال مروان : سنة أبي بكر وعمر ، فقال عبد الرحمن : سنة هرقل وقيصر ، قوله : " فقال : خذوه " أي فقال مروان لأعوانه : خذوا عبد الرحمن ، قوله : " فدخل " أي عبد الرحمن بيت عائشة - رضي الله تعالى عنها - ملتجأ بها ، قوله : " فلم يقدروا " أي لم يقدروا على إخراجه من بيت عائشة إعظاما لعائشة امتنعوا [ ص: 170 ] من الدخول في بيتها .

                                                                                                                                                                                  قوله : " فقال مروان " إن هذا الذي - أراد به عبد الرحمن - أنزل الله فيه ، أي في حقه والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني ، فأجابت عائشة بقولها : ما أنزل الله فينا شيئا إلى آخره .

                                                                                                                                                                                  قوله : " إن الله أنزل عذري " أرادت بها الآيات التي نزلت في براءة ساحة عائشة - رضي الله تعالى عنها - ، وهي إن الذين جاءوا بالإفك ، إلى آخره ، قوله : " فينا " أرادت به بني أبي بكر ; لأن أبا بكر - رضي الله تعالى عنه - نزل فيه ثاني اثنين ، وقوله : محمد رسول الله والذين معه ، وقوله والسابقون الأولون ، وفي آي كثيرة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية