الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4658 438 - حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا وهيب ، حدثنا هشام ، عن أبيه أنه أخبره عبد الله بن زمعة ، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب ، وذكر الناقة والذي عقر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذ انبعث أشقاها انبعث لها رجل عزيز عارم منيع في رهطه مثل أبي زمعة ، وذكر النساء ، فقال : يعمد أحدكم يجلد امرأته جلد العبد فلعله يضاجعها من آخر يومه ، ثم وعظهم [ ص: 294 ] في ضحكهم من الضرطة ، وقال : لم يضحك أحدكم مما يفعل .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للسورة المذكورة ظاهرة ، ووهيب مصغر وهب بن خالد ، وهشام هو ابن عروة بن الزبير بن العوام يروي عن أبيه ، عن عبد الله بن زمعة بفتح الزاي ، والميم وبسكونها ، وبالعين المهملة ابن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي صحابي مشهور ، وأمه قريبة أخت أم سلمة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنهم ، وقال أبو عمر روى عنه عروة ثلاثة أحاديث ، وهي مجموعة في حديث الباب ، وليس له في البخاري إلا هذا الحديث ، وذكر في أحاديث الأنبياء عليهم السلام في باب قول الله تعالى وإلى ثمود أخاهم صالحا عن الحميدي بالقصة الأولى ، وذكر في الأدب عن علي بن عبد الله بالقصة الثانية ، وفي النكاح عن محمد بن يوسف بالقصة الثالثة .

                                                                                                                                                                                  وأخرجه مسلم في صفة النار عن ابن أبي شيبة ، وأبي كريب ، وأخرجه الترمذي في التفسير عن هارون بن إسحاق ، وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن رافع بالقصة الأولى ، وفي عشرة النساء عن محمد بن منصور بالقصة الثالثة ، وأخرجه ابن ماجه في النكاح عن أبي بكر بن أبي شيبة بهذه القصة .

                                                                                                                                                                                  قوله : " وذكر الناقة " ، أي ناقة صالح عليه الصلاة والسلام ، وهو معطوف على محذوف تقديره : فخطب ، وذكر كذا ، وكذا ، وذكر الناقة هذا هو الحديث الأول . قوله : " والذي عقر " ذكره بحذف مفعوله ، وفي الرواية المتقدمة ، والذي عقرها ، وهو قدار بن سالف ، وأمه قديرة ، وهو أحيمر ثمود الذي يضرب به المثل في الشؤم ، وقال ابن قتيبة : وكان أحمر أشقر أزرق قصيرا ، وذكر أنه ولد زنا ولد على فراش سالف . قوله : " إذ انبعث أشقاها " ، يعني : قرأ هذه الآية ، ثم قال : انبعث لها رجل ، أي قام لها ، أي للناقة رجل عزيز ، أي قليل المثل . قوله : " عارم " بالعين المهملة ، والراء ، أي جبار صعب شديد مفسد خبيث ، وقيل : جاهل شرس . قوله : " منيع " ، أي قوي ذو منعة في رهطه ، أي في قومه . قوله : " مثل أبي زمعة " ، وهو الأسود المذكور جد عبد الله بن زمعة ، وكان الأسود أحد المستهزئين ومات على كفره بمكة وقتل ابنه زمعة يوم بدر كافرا أيضا ، وقال القرطبي : أبو زمعة هذا يحتمل أن يكون البلوي المبايع تحت الشجرة وتوفي بإفريقية في غزوة ابن خديج ودفن بالبلوية بالقيروان ، قال : فإن كان هو هذا ، فإنه إنما شبهه بعاقر الناقة في أنه عزيز في قومه ، ومنيع على من يريده من الكفار ، قال : ويحتمل أن يريد غيره ممن يسمى بأبي زمعة من الكفار . قوله : " وذكر النساء " هو الحديث المذكور الثاني ، أي وذكر ما يتعلق بأمور النساء . قوله : " يعمد أحدكم " بكسر الميم ، أي يقصد . قوله : " يجلد " ، ويروى فيجلد ، أي فيضرب ، يقال : جلدته بالسيف ، والسوط ونحوهما إذا ضربته . قوله : " جلد العبد " ، أي كجلد العبد ، وفيه الوصية بالنساء ، والإحجام عن ضربهن . قوله : " فلعله " ، أي فلعل الذي يجلدها في أول اليوم يضاجعها ، أي يطؤها من آخر يومه ، وكلمة من هنا بمعنى في كما في قوله تعالى إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة أي في يوم الجمعة . قوله : " ثم وعظهم " إلى آخر الحديث الثالث ، أي ثم وعظ الرجال في ضحكهم من الضرطة ، وفي رواية الكشميهني في ضحك بالتنوين دون الإضافة إلى الضمير ، وفيه الأمر بالإغماض ، والتجاهل ، والإعراض عن سماع صوت الضراط ، وكانوا في الجاهلية إذا وقع من أحدهم ضرطة في المجلس يضحكون ونهى الشارع عن ذلك إذا وقع ، وأمر بالتغافل عن ذلك ، والاشتغال بما كان فيه ، وكان هذا من جملة أفعال قوم لوط عليه الصلاة والسلام ، فإنهم كانوا يتضارطون في المجلس ، ويتضاحكون .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية