قال تعالى : ( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم ( 46 ) ) .
قوله تعالى : ( وعند الله مكرهم ) : أي علم مكرهم ، أو جزاء مكرهم ; فحذف المضاف .
[ ص: 90 ] ( لتزول منه ) : يقرأ بكسر اللام الأولى وفتح الثانية ، وهي لام كي ، فعلى هذا في " إن " وجهان ; أحدهما : هي بمعنى ما ; أي ما كان مكرهم لإزالة الجبال ; وهو تمثيل أمر النبي صلى الله عليه وسلم . والثاني : أنها مخففة من الثقيلة ، والمعنى : أنهم مكروا ليزيلوا ما هو كالجبال في الثبوت ، ومثل هذا المكر باطل . ويقرأ بفتح اللام الأولى وضم الثانية ، وإن على هذا مخففة من الثقيلة ، واللام للتوكيد .
وقرئ شاذا بفتح اللامين ، وذلك على لغة من فتح لام كي ; و " كان " هنا يحتمل أن تكون التامة ، ويحتمل أن تكون الناقصة .
قال تعالى : ( إن الله عزيز ذو انتقام فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله ( 47 ) ) .
قوله تعالى : ( مخلف وعده رسله ) : الرسل : مفعول أول ، والوعد : مفعول ثان ، وإضافة مخلف إلى الوعد اتساع ; والأصل مخلف رسله وعده ; ولكن ساغ ذلك لما كان كل واحد منهما مفعولا ، وهو قريب من قولهم :
يا سارق الليلة أهل الدار قال تعالى : ( وبرزوا لله الواحد القهار يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ( 48 ) ) .
قوله تعالى : ( يوم تبدل ) : يوم هنا ظرف لـ " انتقام " أو مفعول فعل محذوف ; أي اذكر يوم . ولا يجوز أن يكون ظرفا لمخلف ولا لوعده ; لأن ما قبل إن لا يعمل فيما بعدها ; ولكن يجوز أن يلخص من معنى الكلام ما يعمل في الظرف ; أي لا يخلف وعده يوم تبدل .
( والسماوات ) : تقديره : غير السماوات ، فحذف لدلالة ما قبله عليه .
( وبرزوا ) : يجوز أن يكون مستأنفا ; أي ويبرزون .
ويجوز أن يكون حالا من الأرض ، و " قد " معه مرادة .
قال تعالى : ( سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار ( 50 ) ) .
قوله تعالى : ( سرابيلهم من قطران ) : الجملة حال من المجرمين ، أو من الضمير في " مقرنين " . والجمهور على جعل القطران كلمة واحدة .
ويقرأ " قطر آن " كلمتين ، والقطر : النحاس ، والآني : المتناهي الحرارة .
[ ص: 91 ] و ( تغشى ) : حال أيضا .
قال تعالى : ( إن الله سريع الحساب ليجزي الله كل نفس ما كسبت ( 51 ) ) .
قوله تعالى : ( ليجزي ) : أي فعلنا ذلك للجزاء ، ويجوز أن يتعلق ببرزوا .
قال تعالى : ( وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولو الألباب هذا بلاغ للناس ولينذروا به ( 52 ) ) .
قوله تعالى : ( ولينذروا به ) : المعنى : القرآن بلاغ للناس وللإنذار ، فتتعلق اللام بالبلاغ ، أو بمحذوف إذا جعلت للناس صفة .
ويجوز أن يتعلق بمحذوف تقديره : ولينذروا به أنزل أو تلي . والله أعلم .