قال تعالى : ( وأنبتنا فيها من كل شيء موزون والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي ( 19 ) ) .
قوله تعالى : ( والأرض ) : منصوب بفعل محذوف ; أي ومددنا الأرض ، وهو أحسن من الرفع ; لأنه معطوف على البروج ، وقد عمل فيها الفعل .
( وأنبتنا فيها من كل شيء ) : أي وأنبتنا فيها ضروبا . وعند الأخفش " من " زائدة .
قال تعالى : ( وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين ( 20 ) ) .
قوله تعالى : ( ومن لستم ) : في موضعها وجهان :
أحدهما : نصب لجعلنا ، والمراد بمن : العبيد ، والإماء ، والبهائم ، فإنها مخلوقة [ ص: 94 ] لمنافعنا . وقال الزجاج : هو منصوب بفعل محذوف تقديره : وأعشنا من لستم له . . . ; لأن المعنى : أعشناكم وأعشنا من لستم . . . والثاني : موضعه جر ; أي لكم ولمن لستم . . . وهذا يجوز عند الكوفيين .
قال تعالى : ( وما ننزله إلا بقدر معلوم وإن من شيء إلا عندنا خزائنه ( 21 ) ) .
قوله تعالى : ( إلا عندنا خزائنه ) : الجملة في موضع رفع على الخبر . و " من شيء " : مبتدأ ، ولا يجوز أن يكون صفة ; إذ لا خبر هنا .
و ( خزائنه ) : مرفوع بالظرف ; لأنه قوي بكونه خبرا ، ويجوز أن يكون مبتدأ ، والظرف خبره .
( بقدر ) : في موضع الحال .
قال تعالى : ( فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين وأرسلنا الرياح لواقح ( 22 ) ) .
قوله تعالى : ( الرياح ) : الجمهور على الجمع ، وهو ملائم لما بعده لفظا ومعنى .
ويقرأ على لفظ الواحد وهو جنس .
وفي اللواقح ثلاثة أوجه :
أحدها : أصلها ملاقح ; لأنه يقال : ألقح الريح السحاب ، كما يقال : ألقح الفحل الأنثى ; أي أحبلها ، وحذفت الميم لظهور المعنى ، ومثله الطوائح ، والأصل المطاوح ; لأنه من أطاح الشيء . والوجه الثاني : أنه على النسب ; أي ذوات لقاح كما يقال : طالق وطامس . والثالث : أنه على حقيقته ، يقال : لقحت الريح ، إذا حملت الماء ، وألقحت الريح السحاب ، إذا حملتها الماء ، كما تقول : ألقح الفحل الأنثى فلقحت ، وانتصابه على الحال المقدرة .
( فأسقيناكموه ) : يقال : سقاه ، وأسقاه لغتان . ومنهم من يفرق ; فيقول سقاه لشفته ، إذا أعطاه ما يشربه في الحال ، أو صبه في حلقه . وأسقاه ، إذا جعل له ما يشربه زمانا . ويقال : أسقاه ، إذا دعا له بالسقيا .
قال تعالى : ( وإنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون ( 23 ) ) .
قوله تعالى : ( وإنا لنحن ) : نحن هنا لا تكون فصلا لوجهين :
[ ص: 95 ] أحدهما : أن بعدها فعلا . والثاني : أن اللام معها .
قال تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون ( 26 ) ) .
قوله تعالى : ( من حمأ ) : في موضع جر صفة لصلصال .
ويجوز أن يكون بدلا من صلصال ، بإعادة الجار .
قال تعالى : ( والجان خلقناه من قبل من نار السموم ( 27 ) ) .
قوله تعالى : ( والجان ) : منصوب بفعل محذوف ليشاكل المعطوف عليه .
قال تعالى : ( فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون ( 30 ) ) . فإذا سويته ونفخت فيه من روحي
قوله تعالى : ( فقعوا له ) : يجوز أن تتعلق اللام بقعوا ، و بـ " ساجدين " .
و ( أجمعون ) : توكيد ثان عند الجمهور . وزعم بعضهم أنها أفادت ما لم تفده " كلهم " ; وهو أنها دلت على أن الجميع سجدوا في حال واحدة . وهذا بعيد ; لأنك تقول : جاء القوم كلهم أجمعون ، وإن سبق بعضهم بعضا ; و لأنه لو كان كما زعم لكان حالا لا توكيدا .
( إلا إبليس ) : قد ذكر في البقرة .
( قال تعالى : ( وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين ( 35 ) ) .
قوله تعالى : ( إلى يوم الدين ) : يجوز أن يكون معمول اللعنة . وأن يكون حالا منها ، والعامل الاستقرار في " عليك " .
قال تعالى : ( ولأغوينهم أجمعين قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ( 39 ) ) .
قوله تعالى : ( بما أغويتني ) : قد ذكر في الأعراف .
قال تعالى : ( إلا عبادك منهم المخلصين ( 40 ) ) .
قوله تعالى : ( إلا عبادك ) : استثناء من الجنس ; وهل المستثنى أكثر من النصف أو أقل ؟ فيه اختلاف ، والصحيح أنه أقل .