قال تعالى : ( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم ( 49 ) وأن عذابي هو العذاب الأليم ( 50 ) ) . [ ص: 98 ] قوله تعالى : ( أنا الغفور ) : يجوز أن يكون توكيدا للمنصوب ، ومبتدأ ، وفصلا . فأما قوله : " هو العذاب " فيجوز فيها الفصل والابتداء ; ولا يجوز التوكيد ; لأن العذاب مظهر ، والمظهر لا يؤكد بالمضمر .
قال تعالى : ( إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال إنا منكم وجلون ( 52 ) ) .
قوله تعالى : ( إذ دخلوا ) : في " إذ " وجهان ; أحدهما : هو مفعول ; أي اذكر إذ دخلوا . والثاني : أن يكون ظرفا . وفي العامل وجهان ; أحدهما : نفس ضيف فإنه مصدر . وفي توجيه ذلك وجهان ; أحدهما : أن يكون عاملا بنفسه وإن كان وصفا ; لأن كونه وصفا لا يسلبه أحكام المصادر ، ألا ترى أنه لا يجمع ولا يثنى ولا يؤنث كما لو لم يوصف به .
ويقوي ذلك أن الوصف الذي قام المصدر مقامه يجوز أن يعمل . والوجه الثاني : أن يكون في الكلام حذف مضاف ، تقديره : نبئهم عن ذوي ضيف إبراهيم ; أي أصحاب ضيافته ، والمصدر على هذا مضاف إلى المفعول . والوجه الثاني من وجهي الظرف : أن يكون العامل محذوفا ، تقديره : عن خبر ضيف .
( فقالوا سلاما ) : قد ذكر في هود .
قال تعالى : ( قال أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون ( 54 ) ) .
قوله : ( على أن مسني ) : هو في موضع الحال ; أي بشرتموني كبيرا .
( فبم تبشروني ) : يقرأ بفتح النون وهو الوجه ، والنون علامة الرفع .
ويقرأ بكسرها ويا الإضافة محذوفة ; وفي النون وجهان :
أحدهما : هي نون الوقاية ، ونون الرفع محذوفة لثقل المثلين ، وكانت الأولى أحق بالحذف ; إذ لو بقيت لكسرت ، ونون الإعراب لا تكسر لئلا تصير تابعة ، وقد جاء ذلك في الشعر . والثاني : أن نون الوقاية محذوفة ، والباقية نون الرفع ; لأن الفعل مرفوع فأبقيت علامته .
والقراءة بالتشديد أوجه .
قال تعالى : ( قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون ( 56 ) ) .
[ ص: 99 ] قوله تعالى : ( ومن يقنط ) : " من " : مبتدأ . و " يقنط " : خبره ، واللفظ استفهام ، ومعناه النفي ; فلذلك جاءت بعده إلا .
وفي " يقنط " لغتان : كسر النون وماضيه بفتحها ، وفتحها وماضيه بكسرها ، وقد قرئ بهما ; والكسر أجود ، لقوله : ( من القانطين ) [ الحجر : 55 ] ويجوز قانط وقنط .
قال تعالى : ( قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين ( 58 ) إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين ( 59 ) ) قوله تعالى : ( إلا آل لوط ) : هو استثناء من غير الجنس ; لأنهم لم يكونوا مجرمين .
( إلا امرأته ) : فيه وجهان :
أحدهما : هو مستثنى من آل لوط والاستثناء إذا جاء بعد الاستثناء كان الاستثناء الثاني مضافا إلى المبتدأ ; كقولك : له عندي عشرة إلا أربعة إلا درهما ، فإن الدرهم يستثنى من الأربعة ; فهو مضاف إلى العشرة فكأنك قلت : أحد عشر إلا أربعة ، أو عشرة إلا ثلاثة . والوجه الثاني : أن يكون مستثنى من ضمير المفعول في " منجوهم " .
( قدرنا ) : يقرأ بالتخفيف والتشديد ، وهما لغتان .
( إنها ) : كسرت إن هاهنا من أجل اللام في خبرها ، ولولا اللام لفتحت .