قال تعالى : ( تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة إنما يبلوكم الله به وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا ( 92 ) ) قوله تعالى : ( أنكاثا ) : هو جمع نكث ، وهو بمعنى المنكوث ; أي المنقوض ; وانتصب على الحال من غزلها .
ويجوز أن يكون مفعولا ثانيا على المعنى ; لأن معنى نقضت صيرت .
[ ص: 116 ] و ( تتخذون ) : حال من الضمير في " تكونوا " أو من الضمير في حرف الجر ; لأن التقدير : لا تكونوا مشبهين .
( أن تكون ) : أي مخافة أن تكون .
( أمة ) : اسم كان ، أو فاعلها إن جعلت كان التامة .
( هي أربى ) : جملة في موضع نصب خبر كان ; أو في موضع رفع على الصفة ; ولا يجوز أن تكون " هي " فصلا ; لأن الاسم الأول نكرة .
والهاء في " به " تعود على الربو ، وهو الزيادة .
قال تعالى : ( فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم ( 94 ) ) .
قوله تعالى : ( فتزل ) : هو جواب النهي .
قال تعالى : ( وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها ( 97 ) ) .
قوله تعالى : ( فتزل ) هو جواب النهي .
قال تعالى : ( فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن )
قوله تعالى : ( من ذكر ) : هو حال من الضمير في " عمل " .
قال تعالى : ( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ( 98 ) ) .
قوله تعالى : ( فإذا قرأت ) : المعنى فإذا أردت القراءة ، وليس المعنى إذا فرغت من القراءة .
قال تعالى : ( إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون ( 100 ) ) .
قوله تعالى : ( إنما سلطانه ) : الهاء فيه تعود على الشيطان . والهاء في " به " تعود عليه أيضا . والمعنى : الذين يشركون بسببه .
وقيل : الهاء عائدة على الله عز وجل .
قال تعالى : ( قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل ( 101 ) ) .
قوله تعالى : ( والله أعلم بما ينزل ) : الجملة فاصلة بين إذا وجوابها ; فيجوز أن تكون حالا ، وأن لا يكون لها موضع . وهي مشددة .
قال تعالى : ( ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين قل نزله روح القدس من ربك بالحق ( 102 ) ) .
[ ص: 117 ] قوله تعالى : ( وهدى وبشرى ) : كلاهما في موضع نصب على المفعول له ، وهو عطف على قوله " ليثبت " لأن تقدير الأول : لأن يثبت .
ويجوز أن يكونا في موضع رفع خبر مبتدأ محذوف ; أي وهو هدى ، والجملة حال من الهاء في " نزله " .
قال تعالى : ( لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر ( 103 ) ) .
قوله تعالى : ( لسان الذي ) : القراءة المشهورة إضافة " لسان " إلى " الذي " وخبره " أعجمي " وقرئ في الشاذ : اللسان الذي - بالألف واللام ، والذي نعت . والوقف بكل حال على بشر .
قال تعالى : ( ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ( 106 ) ) .
قوله تعالى : ( من كفر ) : فيه وجهان ; أحدهما : هو بدل من قوله : " الكاذبون " ; أي وأولئك هم الكافرون . وقيل : هو بدل من أولئك . وقيل : هو بدل من " الذين لا يؤمنون " والثاني : هو مبتدأ ، والخبر : فعليهم غضب من الله .
قوله تعالى : ( إلا من أكره ) : استثناء مقدم . وقيل : ليس بمقدم ، فهو كقول لبيد :
ألا كل شيء ما خلا الله باطل وقيل : " من " شرط ، وجوابها محذوف دل عليه قوله : " فعليهم غضب " .
و " إلا من أكره " استثناء متصل ; لأن الكفر يطلق على القول والاعتقاد . وقيل : هو منقطع ; لأن الكفر اعتقاد ، والإكراه على القول دون الاعتقاد .
( من شرح ) : مبتدأ . " فعليهم " خبره .
قال تعالى : ( ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ( 110 ) ) .
قوله تعالى : ( إن ربك ) : خبر إن : " لغفور رحيم " وإن الثانية واسمها تكرير للتوكيد ، ومثله في هذه السورة : ( ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ) [ النحل : 119 ] .
وقيل : لا خبر لـ " إن " الأولى في اللفظ ; لأن خبر الثانية أغنى عنه .
( من بعد ما فتنوا ) : يقرأ على ما لم يسم فاعله ; أي فتنهم غيرهم بالكفر فأجابوا ; فإن الله عفا لهم عن ذلك ; أي رخص لهم فيه .
[ ص: 118 ] ويقرأ بفتح الفاء والتاء ; أي فتنوا أنفسهم ، أو فتنوا غيرهم ثم أسلموا .