قال تعالى : ( وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج ( 53 ) ) .
[ ص: 264 ] قوله تعالى : ( ملح ) : المشهور على القياس يقال : ماء ملح ؛ وقرئ " ملح " بكسر اللام ، وأصله : مالح ، على هذا ، وقد جاء في الشذوذ ؛ فحذفت الألف كما قالوا في بارد برد .
والتاء في " فرات " أصلية ، ووزنه فعال .
و ( بينهما ) : ظرف لجعل ؛ ويجوز أن يكون حالا من برزخ .
قال تعالى : ( وكان الكافر على ربه ظهيرا ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم ( 55 ) ) .
قوله تعالى : ( على ربه ) : يجوز أن يكون خبر كان . و " ظهيرا " حال ، أو خبر ثان ؛ ويجوز أن يتعلق ب ( ظهيرا ) ؛ وهو الأقوى .
قال تعالى : ( أن يتخذ إلى ربه سبيلا قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء ( 57 ) ) .
قوله تعالى : ( إلا من شاء ) : هو استثناء من غير الجنس .
قال تعالى : ( وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا وتوكل على الحي الذي لا يموت ( 58 ) ) .
قوله تعالى : ( بذنوب ) : هو متعلق بـ " خبيرا " أي كفى الله خبيرا بذنوبهم .
قال تعالى : ( ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ( 59 ) ) .
قوله تعالى : ( الذي خلق ) : يجوز أن يكون مبتدأ . و " الرحمن " : الخبر ؛ وأن يكون خبرا ؛ أي هو الذي ؛ أو نصبا على إضمار أعني فيتم الكلام على العرش . ويكون " الرحمن " مبتدأ ، و " فاسأل به " : الخبر ، على قول الأخفش ، أو خبر مبتدأ محذوف ؛ أي هو الرحمن ، أو بدلا من الضمير في " استوى " .
قوله تعالى : ( به ) : فيه وجهان ؛ أحدهما : الباء تتعلق بـ " خبيرا " وخبيرا مفعول " اسأل " . والثاني : أن الباء بمعنى عن ، فتتعلق باسأل .
وقيل : التقدير : فاسأل بسؤالك عنه خبيرا .
ويضعف أن يكون " خبيرا " حالا من الفاعل في اسأل ؛ لأن الخبير لا يسأل إلا على جهة التوكيد ؛ مثل : ( وهو الحق مصدقا ) [ البقرة : 91 ] ويجوز أن يكون حالا من الرحمن إذا رفعته بـ " استوى " .
قال تعالى : ( قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن ( 60 ) ) .
قوله تعالى : ( لما تأمرنا ) : يقرأ بالتاء والياء . وفي " ما " ثلاثة أوجه : أحدها : هي [ ص: 265 ] بمعنى الذي . والثاني : نكرة موصوفة ، وعلى الوجهين تحتاج إلى عائد ، والتقدير : لما تأمرنا بالسجود له ، ثم يأمرنا ، هذا على قول أبي الحسن ؛ وعلى قول حذف ذلك كله من غير تدريج . سيبويه
والوجه الثالث : هي مصدرية ؛ أي أنسجد من أجل أمرك ؛ وهذا لا يحتاج إلى عائد ، والمعنى : أنعبد الله لأجل أمرك .
قال تعالى : ( وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا تبارك الذي جعل في السماء بروجا ( 61 ) وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا ( 62 ) ) .
قوله تعالى : ( سراجا ) : يقرأ على الإفراد ، والمراد الشمس ، وعلى الجمع بضمتين ؛ أي الشمس والكواكب ، أو يكون كل جزء من الشمس سراجا لانتشارها وإضاءتها في موضع دون موضع .
و ( خلفة ) : مفعول ثان ، أو حال وأفرد ؛ لأن المعنى يخلف أحدهما الآخر ، فلا يتحقق هذا إلا منهما .
والشكور - بالضم مصدر مثل الشكر .
قال تعالى : ( وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا ( 63 ) ) .
قوله تعالى : ( وعباد الرحمن ) : مبتدأ . وفي الخبر وجهان ؛ أحدهما : " الذين يمشون " والثاني : قوله تعالى : " أولئك يجزون " و " الذين يمشون " صفة .
قوله تعالى : ( قالوا سلاما ) : " سلاما " هنا مصدر ، وكانوا في مبدأ الإسلام إذا خاطبهم الجاهلون ذكروا هذه الكلمة ؛ لأن القتال لم يكن شرع ، ثم نسخ .
ويجوز أن يكون قالوا بمعنى سلموا ، فيكون " سلاما " مصدره .