[ ص: 3 ] كتاب اللقطة وهي المال الضائع من ربه ، يلتقطه غيره قال اللقطة ، بفتح القاف : اسم للملتقط ، لأن ما جاء على فعلة فهو اسم للفاعل ، كقولهم : همزة ولمزة وضحكة وهزأة ، واللقطة ، بسكون القاف : المال الملقوط ، مثل الضحكة الذي يضحك منه ، والهزأة الذي يهزأ به . وقال الخليل بن أحمد الأصمعي وابن الأعرابي والفراء : هي بفتح القاف ، اسم للمال الملقوط أيضا
والأصل في اللقطة ما روى زيد بن خالد الجهني قال { } متفق عليه : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لقطة الذهب والورق ، فقال : اعرف وكاءها ، وعفاصها ، ثم عرفها سنة ، فإن لم تعرف فاستنفقها ولتكن وديعة عندك ، فإن جاء طالبها يوما من الدهر ، فادفعها إليه . وسأله عن ضالة الإبل ، فقال : مالك ولها ، دعها ، فإن معها حذاءها وسقاها ، ترد الماء ، وتأكل الشجر ، حتى يجدها ربها وسأله عن الشاة ، فقال : خذها ، فإنما هي لك ، أو لأخيك ، أو للذئب
والوكاء : الخيط الذي يشد به المال في الخرقة والعفاص : الوعاء الذي هي فيه ، من خرقة أو قرطاس أو غيره قاله أبو عبيد والأصل في العفاص أنه الجلد الذي يلبسه رأس القارورة قوله : ( معها حذاءها ) يعني خفها ، فإنه لقوته وصلابته يجري مجرى الحذاء ، وسقاؤها : بطنها لأنها تأخذ فيه ماء كثيرا ، فيبقى معها يمنعها العطش . والضالة : اسم للحيوان خاصة ، دون سائر اللقطة ، والجمع ضوال ، ويقال لها أيضا : الهوامي والهوافي والهوامل ( 4492 )
فصل : قال إمامنا ، رحمه الله : وروي معنى ذلك عن الأفضل ترك الالتقاط ابن عباس وبه قال وابن عمر جابر بن زيد والربيع بن خيثم ، ومر وعطاء بدرهم ، فلم يعرض له . واختار شريح أنه إذا وجدها بمضيعة وأمن نفسه عليها ، فالأفضل أخذها . وهذا قول أبو الخطاب وحكي عنه قول آخر ، أنه يجب أخذها لقول الله تعالى { الشافعي والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض } فإذا كان وليه ، وجب عليه حفظ ماله
وممن رأى أخذها سعيد بن المسيب والحسن بن صالح وأخذها وأبو حنيفة أبي بن كعب وقال وسويد بن غفلة إن كان شيئا له بال يأخذه أحب إلي ، ويعرفه ، لأن فيه حفظ مال المسلم عليه ، فكان أولى من تضييعه ، وتخليصه من الغرق . ولنا قول مالك ابن عمر ولا نعرف لهما مخالفا في الصحابة ، ولأنه تعريض لنفسه لأكل الحرام ، وتضييع الواجب من تعريفها ، وأداء الأمانة فيها ، فكان تركه أولى وأسلم ، كولاية مال اليتيم وتخليل الخمر وما ذكروه يبطل بالضوال ، فإنه لا يجوز أخذها مع ما ذكروه ، وكذلك ولاية مال الأيتام . وابن عباس