الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4728 ) فصل : وتصح الوصية للحربي في دار الحرب . نص عليه أحمد ، وهو قول مالك ، وأكثر أصحاب الشافعي . وقال بعضهم : لا تصح . وهو قول أبي حنيفة ; لأن الله تعالى قال : { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم } إلى قوله : { إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين }

                                                                                                                                            الآية فيدل ذلك على أن من قاتلنا لا يحل بره . ولنا ، أنه تصح هبته ، فصحت الوصية له ، كالذمي . وقد روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى عمر حلة من حرير ، فقال : يا رسول الله كسوتنيها ، وقد قلت في حلة عطارد ما قلت ، فقال : إني لم أعطكها لتلبسها . فكساها عمر أخا مشركا له بمكة . } وعن { أسماء بنت أبي بكر ، قالت : أتتني أمي وهي راغبة - تعني الإسلام - فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، أتتني أمي وهي راغبة ، أفأصلها ؟ قال : نعم . } وهذان فيهما صلة أهل [ ص: 122 ] الحرب وبرهم . والآية حجة لنا في من لم يقاتل ، فأما المقاتل فإنه نهي عن توليه لا عن بره والوصية له ، وإن احتج بالمفهوم ، فهو لا يراه حجة . ثم قد حصل الإجماع على جواز الهبة ، والوصية في معناها . فأما المرتد ، فقال أبو الخطاب : تصح الوصية له ، كما تصح هبته . وقال ابن أبي موسى : لا تصح ; لأن ملكه غير مستقر ، ولا يرث ، ولا يورث ، فهو كالميت . ولأن ملكه يزول عن ماله بردته في قول أبي بكر وجماعة ، فلا يثبت له الملك بالوصية .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية