الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4945 ) فصل : أربعة إخوة قتل أكبرهم الثاني ، ثم قتل الثالث الأصغر ، سقط القصاص عن الأكبر ; لأن ميراث الثاني صار للثالث والأصغر نصفين ، فلما قتل الثالث الأصغر لم يرثه ، وورثه الأكبر ، فرجع إليه نصف دم نفسه ، وميراث الأصغر جميعه ، فسقط عنه القصاص ، لميراثه بعض دم نفسه ، وله القصاص على الأصغر ، ويرثه في ظاهر المذهب ، فإن اقتص منه ورثه ، ويرث إخوته الثلاثة

                                                                                                                                            ولو أن ابنين قتل أحدهما أحد أبويهما ، وهما زوجان ، ثم قتل الآخر أباه الآخر ، سقط القصاص عن القاتل الأول ، ووجب على القاتل الثاني ; لأن الأول لما قتل أباه ، ورث ماله ودمه أخوه وأمه ، فلما قتل الثاني أمه ، ورثها قاتل الأب ، فصار له من دم نفسه ثمنه ، فسقط القصاص عنه لذلك ، وله القصاص على الآخر ، فإن قتله ورثه في ظاهر المذهب . وإن جرح أحدهما أباه ، والآخر أمه ، وماتا في حال واحدة ، ولا وارث لهما سواهما ، فلكل واحد منهما مال الذي لم يقتله ، ولكل واحد منهما القصاص على صاحبه

                                                                                                                                            وكذلك لو قتل كل واحد منهما أحد الأبوين ، ولم يكونا [ ص: 246 ] زوجين ، فلكل واحد منهما القصاص على أخيه ، إلا أنه لا يمكن أحدهما الاستيفاء إلا بإبطال حق الآخر فيسقطان . وإن عفا أحدهما عن الآخر ، فللآخر قتل العافي ، ويرثه في الظاهر . وإن بادر أحدهما فقتل أخاه ، سقط القصاص عنه ، وورثه في الظاهر عنه ، ويحتمل ألا يرثه ، ويجب القصاص عليه بقتله ; لأن القصاصين لما تساويا ، وتعذر الجمع بين استيفائهما ، سقطا ، فلم يبق لهما حكم ، فيكون المستوفي منها معتديا باستيفائه ، فلا يرث أخاه ، ويجب القصاص عليه بقتله

                                                                                                                                            وإن أشكل كيفية موت الأبوين ، وادعى كل واحد منهما أن قتيله أولهما موتا ، خرج في توريثهما ، ما ذكرناه في الغرقى ، من توريث كل واحد من الميتين من الآخر ، ثم يرث كل واحد منهما بعض دم نفسه ، فيسقط القصاص عنهما . ومن لا يرى ذلك ، فالجواب فيها كالتي قبلها . ويحتمل أن يسقط القصاص بكل حال ; للشبهة ، وأن يكون لكل واحد دية الأخر وماله .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية