الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4757 ) فصل : وإن قال اشتروا بثلثي رقابا ، فأعتقوهم . لم يجز صرفه إلى المكاتبين ; لأنه وصى بالشراء ، لا بالدفع إليهم . فإن اتسع الثلث لثلاثة ، لم يجز أن يشترى أقل منها ; لأنها أقل الجمع . وإن قدرت على أن تشتري أكثر من ثلاثة بثمن ثلاثة غالية ، كان أولى وأفضل ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من أعتق امرأ مسلما ، أعتق الله بكل عضو منه عضوا منه من النار } . ولأنه يفرج عن نفس زائدة ، فكان أفضل من عدم ذلك . وإن أمكن شراء ثلاثة رخيصة ، وحصة من الرابعة ، بثمن ثلاثة غالية ، فالثلاثة أولى ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن أفضل الرقاب ، قال : { أغلاها ثمنا ، وأنفسها عند أهلها } . والقصد من العتق تكميل الأحكام ، من الولاية ، والجمعة ، والحج ، والجهاد ، وسائر الأحكام ، التي تختلف بالرق والحرية ، ولا يحصل ذلك إلا بإعتاق جميعه . وهذا التفضيل - والله أعلم من النبي صلى الله عليه وسلم للغالية ، إنما يكون مع التساوي في المصلحة ، فأما إن ترجح بعضهم بدين ، وعفة ، وصلاح ، ومصلحة له في العتق ، بأن يكون مضرورا بالرق ، وله صلاح في العتق ، وغيره له مصلحة في الرق ، ولا مصلحة له في العتق ، وربما تضرر به ، من فوات نفقته ، وكفالته ، ومصالحه ، وعجزه بعد العتق عن الكسب ، وخروجه عن الصيانة والحفظ ، فإن إعتاق من كثرت المصلحة في إعتاقه أفضل وأولى ، وإن قلت قيمته ، ولا يسوغ إعتاق من في إعتاقه مفسدة ; لأن مقصود الموصي تحصيل الثواب والأجر ، ولا أجر في إعتاق هذا . ولا يجوز أن يعتق إلا رقبة مسلمة ; لأن الله تعالى لما قال : { فتحرير رقبة } لم يتناول إلا المسلمة ، ومطلق كلام الآدمي محمول على مطلق كلام الله تعالى . ولا يجوز إعتاق معيبة عيبا يمنع الإجزاء في الكفارة ; لما ذكرنا والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية