في إقرار العبد على نفسه بالجناية قلت : أرأيت إن في قول أقر العبد أنه غصب هذه المرأة نفسها فجامعها وهي أمة أو حرة ولا يعلم ذلك إلا بقول العبد ، أيصدق العبد أم لا ؟ مالك
قال : لا يصدق العبد إلا أن تؤتى وهي مستغيثة أو متعلقة به ، وهي تدمي إن كانت بكرا ، وإن كانت ثيبا أدركت وهي تستغيث متعلقة به ، فإنه يصدق إن زعم أنه غصبها ; لأني سمعت وسئل عن عبد أتي به وقد قطع أصبع صبي من رجله ، وأصبع الصبي تدمي فأدرك الصبي وهو متعلق به فأقر العبد أنه وطئ أصبعه . مالكا
قال : قال : أما ما كان مثل هذا إذا أدرك على مثل هذا الحال ، وأصبع الصبي تدمي بحدثان ما قطعت وهو متعلق به فإني أرى أن يقبل إقراره ويكون ذلك في رقبته يسلمه سيده أو يفتكه بالجناية ; لأنه لا يتهم أن يكون أقر إلى شيء ، فكذلك مسألتك في الوطء إن أقر على مثل ما وصفت لك . مالك
قال : وما كان على غير هذا مما يقر العبد أنه فعله مما يكون في رقبته ، ولا يدري أحق ذلك أم لا ولم يكن على مثل ما وصفت لك ، فلا يقبل قوله إلا ببينة تقوم . مالك
قلت : في قول فإن أعتق العبد يوما ما وكان إقراره إقرارا لم يقم عليه بينة ، ولم يكن بحال ما وصفت لي من تعلقها به ، أيكون ذلك دينا على العبد إن أعتق يوما ما ؟ مالك
قال : لم أسمع من فيه شيئا ، ولا مالك أرى أن يكون على العبد شيء من هذا الوطء إن عتق .
وكذلك قال في رجل حر أقر بقتل رجل خطأ : إن ذلك على عاقلته ، ولا يكون في ماله خاصة مع قسامة أولياء المقتول إن كان الذي أقر له ممن لا يتهم أن يكون أراد به غنى ولد المقتول ، فإن كان أراد غنى ولد المقتول لصداقة بينهما أو لقرابة بينهما وهو ممن يتهم أن يكون أراد غناه ، لم يكن على العاقلة شيء ولا يكون عليه من إقراره شيء . فهذا يدلك على أن العبد لا شيء عليه من إقراره بالجناية إذا هي لم تلزم السيد ، فلا شيء عليه إن عتق بعد ذلك . مالك
قلت : أرأيت إن أبت الورثة أن تقسم مع إقراري ، أيبطل إقراري ولا يلزم عاقلتي من الدية شيء في قول ؟ مالك
قال : نعم كذلك قال . مالك
قال ابن القاسم : والذي فسرت لك مما لا يلزم العبد من إقراره إذا عتق يوما ما ، إنما ذلك فيما غصب من النساء فوطئهن أو جرح أو قتل خطأ ، أقر بذلك كله ولم تكن له بينة ولم يكن بحال ما وصفت لك من التعلق بالعبد بحضرة ذلك . فإن هذا لا يكون عليه شيء إن عتق يوما أو أقر العبد باستهلاك مال ، ولا يعلم ذلك إلا بقوله أو باختلاس مال ، ولا يعلم ذلك إلا بقوله أو [ ص: 612 ] بسرقة لا قطع فيها ، لا يعلم ذلك إلا بقوله إنه لا يصدق على سيده . وإن أعتق يوما ما لم يكن ذلك دينا عليه ولم يتبع منه بعد العتق بشيء . وأصل هذا كله أن ينظر إلى كل ما يلزم رقبته من فعله ، فإذا هو أقر به ولم يكن على ذلك بينة فلم يجز إقراره ، فإنه لا يتبع من ذلك بقليل ولا كثير ; لأنه إنما أقر بما كان يلزم السيد ، فإن ثبت ذلك عليه ثبت على السيد ، وإن لم يثبت لم يكن على العبد شيء .