( 4512 ) مسألة قال : ( ، دفعت إليه بلا بينة ) يعني إذا وصفها بصفاتها المذكورة ، دفعها إليه ، سواء غلب على ظنه صدقه أو لم يغلب . وبهذا قال فإن جاء ربها فوصفها له ، مالك ، وأبو عبيد ، وداود . وقال وابن المنذر ، أبو حنيفة : لا يجبر على ذلك إلا ببينة ، ويجوز له دفعها إليه إذا غلب على ظنه صدقه . قال أصحاب الرأي : إن شاء دفعها إليه وأخذ كفيلا بذلك ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { والشافعي } البينة [ ص: 13 ] على المدعي
ولأن صفة المدعي لا يستحق بها كالمغصوب . ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم : { } . قال فإن جاءك أحد يخبرك بعددها ووعائها ووكائها ، فادفعها إليه : هذا الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه أقول . ورواه ابن القصار : " فإن جاء باغيها ، ووصف عفاصها وعددها ، فادفعها إليه " . وفي حديث ابن المنذر زيد الذي ذكرناه { } . يعني إذا ذكر صفاتها ; لأن ذلك هو المذكور في صدر الحديث ، ولم يذكر البينة في شيء من الحديث ، ولو كانت شرطا للدفع ، لم يجز الإخلال به ، ولا أمر بالدفع بدونه ، ولأن اعرف وكاءها وعفاصها ، ثم عرفها سنة ، فإن لم تعرف ، فاستنفقها ، وإن جاء طالبها يوما من الدهر ، فأدها إليه تتعذر ; لأنها إنما سقطت حال الغفلة والسهو ، فتوقيف دفعها منع لوصولها إلى صاحبها أبدا ، وهذا يفوت مقصود الالتقاط ، ويفضي إلى تضييع أموال الناس ، وما هذا سبيله يسقط اعتبار البينة فيه ، كالإنفاق على اليتيم . والجمع بين هذا القول وبين تفضيل الالتقاط على تركه متناقض جدا ; لأن الالتقاط حينئذ يكون تضييعا لمال المسلم يقينا ، وإتعابا لنفسه بالتعريف الذي لا يفيد ، والمخاطرة بدينه بتركه الواجب من تعريفها ، وما هذا سبيله يجب أن يكون حراما ، فكيف يكون فاضلا . وعلى هذا نقول : لو لم يجب دفعها بالصفة ، لم يجز التقاطها ; لما ذكرناه ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : { إقامة البينة على اللقطة } . يعني إذا كان ثم منكر ; لقوله في سياقه : { البينة على المدعي } . ولا منكر هاهنا ، على أن البينة تختلف ، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم بينة مدعي اللقطة وصفها ، فإذا وصفها فقد أقام بينته . وقياس اللقطة على المغصوب غير صحيح ; فإن النزاع ثم في كونه مغصوبا ، والأصل عدمه ، وقول المنكر يعارض دعواه ، فاحتيج إلى البينة ، وها هنا قد ثبت كون هذا المال لقطة ، وأن له صاحبا غير من هو في يده ، ولا مدعي له إلا الواصف ، وقد ترجح صدقه ، فينبغي أن يدفع إليه . واليمين على من أنكر