( 4538 ) فصل : . وبهذا قال وإذا وجد العبد لقطة ، فله أخذها بغير إذن سيده ، ويصح التقاطه ، وهو أحد قولي أبو حنيفة . وقال في الآخر : لا يصح التقاطه ; لأن اللقطة في الحول الأول أمانة ولاية ، في الثاني تملك ، والعبد ليس من أهل الولايات ولا الملك . ولنا عموم الخبر ، ولأن الالتقاط سبب يملك به الصبي ويصح منه ، فصح من العبد ، كالاحتطاب والاصطياد ، ولأن من جاز له قبول الوديعة ، صح منه الالتقاط ، كالحر الشافعي
وقولهم : إن العبد ليس من أهل الولايات والأمانات . يبطل بالصبي والمجنون ، فإنهما أدنى حالا منه في هذا . وقولهم : إن العبد لا يملك ممنوع ، وإن سلمنا ، فإنه يتملك لسيده ، كما يحصل بسائر الاكتساب ، ولأن الالتقاط تخليص مال من الهلاك ، فجاز من العبد بغير إذن سيده ، كإنقاذ المال الغريق والمغصوب . إذا ثبت هذا ، فإن التقط العبد لقطة كانت أمانة في يده ، إن تلفت بغير تفريط في حول التعريف ، لم يضمن ، وإن تلفت بتفريط أو إتلاف ، وجب ضمانها في رقبته ، كسائر جناياته ، وإن عرفها ، صح تعريفه ; لأن له قولا صحيحا ، فصح تعريفه ، كالحر ، فإذا تم حول التعريف ، ملكها سيده ; لأن الالتقاط كسب العبد ، وكسبه لسيده
وإن علم السيد بلقطة عبده ، كان له انتزاعها منه ; لأنها من كسب العبد ، وللسيد انتزاع كسبه من يده ، فإذا انتزعها بعد أن عرفها العبد ملكها ، وإن كان لم يعرفها ، عرفها سيده حولا كاملا ، وإن كان العبد قد عرفها بعض الحول ، عرفها السيد تمامه . فإن اختار السيد إقرارها في يد عبده ، نظرت ; فإن كان العبد أمينا جاز ، وكان السيد مستعينا بعبده في حفظها ، كما يستعين به في حفظ ماله ، وإن كان العبد غير أمين ، كان السيد مفرطا بإقرارها في يده ، ولزمه ضمانها ، كما لو أخذها من يده ثم ردها إليه ; لأن يد العبد كيده ، وما يستحق بها فهو لسيده
وإن أعتق السيد عبده بعد الالتقاط ، فله انتزاع اللقطة من يده ; لأنها من كسبه ، وأكسابه لسيده . ومتى علم العبد أن سيده غير مأمون عليها ، لزمه سترها عنه ، وتسليمها إلى الحاكم ، ليعرفها ، ثم يدفعها إلى سيده بشرط الضمان . فإن أعلم سيده بها ، فلم يأخذها منه ، أو أخذها فعرفها وأدى الأمانة فيها فتلفت في الحول الأول بغير تفريطه ، فلا [ ص: 27 ] ضمان فيها ; لأنها لم تتلف بتفريط من أحدهما ، وإن لم يؤد الأمانة فيها ، وجب ضمانها ، ويتعلق الضمان برقبة العبد وذمة السيد جميعا ; لأن التفريط حصل منهما جميعا .