( 4713 ) فصل : في المحاباة في المرض ، وهي أن يعاوض بماله ، ويسمح لمن عاوضه ببعض عوضه ، وهي على أقسام ; القسم الأول . المحاباة في البيع والشراء
ولا يمنع ذلك صحة العقد ، في قول الجمهور . وقال أهل الظاهر : العقد باطل . ولنا ، عموم قول الله تعالى { : وأحل الله البيع } . ولأنه تصرف صدر من أهله في محله ، فصح ، كغير المريض . فلو باع في مرضه عبدا لا يملك غيره ، قيمته ثلاثون بعشرة ، فقد حابى المشتري بثلثي ماله ، وليس له ، فإن أجاز الورثة ذلك لزم البيع . المحاباة بأكثر من الثلث
وإن لم يجيزوا فاختار المشتري فسخ البيع فله ذلك ; لأن الصفقة تبعضت عليه ، وإن اختار إمضاء البيع ، فالصحيح عندي أنه يأخذ نصف المبيع بنصف الثمن ، ويفسخ البيع في الباقي . وهذا أحد الوجهين لأصحاب . والوجه الثاني أنه يأخذ ثلثي المبيع بالثمن كله . وإلى هذا أشار الشافعي في نحو هذه المسألة ; لأنه يستحق ، الثلث بالمحاباة ، والثلث الآخر بالثمن . وقال أهل القاضي العراق : يقال له : إن شئت أديت عشرة أخرى وأخذت المبيع ، وإن شئت فسخت ولا شيء لك
وعند : له أن يفسخ ويأخذ ثلث المبيع بالمحاباة ، ويسميه أصحابه خلع الثلث . ولنا أن فيما ذكرناه مقابلة بعض المبيع بقسطه من الثمن عند تعذر أخذ جمعيه بجميعه ، فصح ذلك ، كما لو اشترى سلعتين بثمن ، فانفسخ البيع في إحداهما لعيب أو غيره ، أو كما لو اشترى شقصا وسيفا ، فأخذ الشفيع الشقص ، أو كالشفعاء يأخذ كل واحد منهم جزءا من المبيع بقسطه ، أو كما لو اشترى قفيزا يساوي ثلاثين ، بقفيز قيمته عشرة مالك
وأما الوجه الذي اختاره فلا يصح ; لأنه أوجب له المبيع بثمن ، فيأخذ بعضه بالثمن كله ، فلا يصح ، كما لو قال : بعتك هذا بمائة . فقال : قبلت نصفه بها . ولأنه إذا فسخ البيع في بعضه ، وجب أن يفسخه في قدره من ثمنه ، ولا يجوز فسخ البيع فيه مع بقاء ثمنه ، كما لا يجوز فسخ البيع في الجميع مع بقاء ثمنه . وأما قول أهل القاضي العراق ، فإن فيه إجبار الورثة على المعاوضة على غير الوجه الذي عاوض مورثهم ، وإذا فسخ البيع ، لم يستحق شيئا ; لأن الوصية إنما حصلت في ضمن البيع .
فإذا بطل البيع زالت الوصية ، كما لو وصى لرجل بعينه أن يحج عنه بمائة ، وأجر مثله خمسون ، فطلب الخمسين الفاضلة بدون الحج . وإن اشترى [ ص: 115 ] عبدا يساوي عشرة بثلاثين ، فإنه يأخذ نصفه بنصف الثمن . وإن باع العبد الذي يساوي ثلاثين بخمسة عشر ، جاز والبيع في ثلثيه بثلثي الثمن . وعلى قول ، للمشتري خمسة أسداسه بكل الثمن ، وطريق هذا أن تنسب الثمن وثلث المبيع إلى قيمته ، فيصح البيع في مقدار تلك النسبة ، وهو خمسة أسداسه القاضي
وعلى الوجه الأول ، يسقط الثمن من قيمة المبيع ، وينسب الثلث إلى الباقي ، فيصح البيع في قدر تلك النسبة ، وهو ثلثاه بثلثي الثمن . فإن خلف البائع عشرة أخرى ، فعلى الوجه الأول ، يصح البيع في ثمانية أتساعه بثمانية أتساع الثمن ، وعلى الوجه الثاني ، يأخذ المشتري نصفه وأربعة أتساعه بجميع الثمن ، ويرد نصف تسعه . وإن باع قفيز حنطة يساوي ثلاثين ، بقفيز يساوي عشرة ، أو بقفيز يساوي خمسة عشر ، تعين الوجه الذي اخترناه في قول ومن وافقه ; لأن المساواة هاهنا شرط في صحة البيع ، ولا تحصل بغير هذا الوجه القاضي
وطريق حسابها بالجبر فيما إذا باعه بما يساوي ثلث قيمته ، أن نقول : يجوز البيع في شيء من الأرفع بشيء من الأدون ، وقيمته ثلث شيء ، فتكون المحاباة بثلثي شيء ، ألقهما من الأرفع ، يبق قفيز إلا ثلثي شيء يعدل مثلي المحاباة ، وذلك شيء ، وثلث شيء ، فإذا جبر به عدل شيئين ، فالشيء نصف القفيز .