الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
3541 - "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة؛ ولا ينظر إليهم؛ ولا يزكيهم؛ ولهم عذاب أليم : شيخ زان؛ وملك كذاب؛ وعائل مستكبر"؛ (م ن)؛ عن أبي هريرة ؛ (صح) .

التالي السابق


(ثلاثة لا يكلمهم الله) ؛ بما يسرهم؛ أو بشيء أصلا؛ وأن الملائكة يسألونهم؛ (يوم القيامة) ؛ أو لا ينتفعون بآيات الله وكلماته؛ قال القاضي : والظاهر أنه كناية عن غضبه عليهم؛ لقوله: (ولا يزكيهم) ؛ أي: لا يثني عليهم؛ (ولا ينظر إليهم) ؛ فإن من سخط على غيره واستهان به؛ أعرض عنه وعن التكلم معه والالتفات إليه؛ كما أن من اعتد بغيره يكثر النظر إليه؛ (ولهم) ؛ مع ذلك الأمر المهول؛ (عذاب أليم) ؛ مؤلم موجع؛ قال الواحدي : هو العذاب الذي يخلص إلى قلوبهم وجعه؛ قال الراغب : "الألم": الوجع الشديد؛ (شيخ زان) ؛ لاستخفافه بحق الحق؛ وقلة مبالاته به؛ ورذالات طبعه؛ إذ داعيته قد ضعفت؛ وهمته قد فترت؛ فزناه عناد ومراغمة؛ ( وملك كذاب ) ؛ لأن الكذب يكون غالبا لجلب نفع؛ أو دفع ضر؛ والملك لا يخاف أحدا؛ فيصانعه؛ فهو منه قبيح؛ لفقد الضرورة؛ ( وعائل) ؛ أي: فقير؛ (مستكبر ) ؛ لأن كبره مع فقد سببه فيه من نحو مال وجاه؛ وكونه مطبوعا عليه؛ مستحكما فيه؛ فيستحق أليم العذاب؛ وفظيع العقاب؛ وفيه دلالة على كرم الله في قبول عذر عبيده مما يكون منهم عن مخالفته.

(تنبيه) :

قال القونوي : سر عد الملك الكذاب منهم أن الكذب قسمان: ذاتي؛ وصفاتي؛ فالصفاتي محصور في موجبين: الرغبة والرهبة؛ والملك محلها ظاهرا؛ وليس حكمه مع الرعية بصورة رهبة منهم؛ أو رغبة فيما عندهم؛ يوجب الإقدام على الكذب؛ فإذا كان الملك كذابا؛ فلا موجب له إلا لؤم الطبع؛ فهو وصف ذاتي له؛ والأوصاف الذاتية الجبلية تستلزم نتائج تناسبها.

(م ن؛ عن أبي هريرة ) - رضي الله عنه.




الخدمات العلمية