الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
4274 - "الدنيا دار من لا دار له ؛ ومال من لا مال له؛ ولها يجمع من لا عقل له"؛ (حم هب)؛ عن عائشة ؛ (هب)؛ عن ابن مسعود ؛ موقوفا؛ (صح) .

التالي السابق


(الدنيا دار من لا دار له) ؛ قال الطيبي : لما كان القصد الأول من الدار الإقامة مع عيش هنيء أبدي؛ والدنيا بخلافه؛ لم تستحق أن تسمى "دارا"؛ فمن داره الدنيا؛ فلا دار له : وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون ؛ قال عيسى : "من ذا الذي يبني على الموج دارا؟ تلكم الدار؛ فلا تتخذوها قرارا"؛ (ومال من لا مال له) ؛ لأن القصد من المال الإنفاق [ ص: 546 ] في وجوه القرب؛ فمن أتلفه في شهواته؛ واستيفاء لذاته؛ فحقيق بأن يقال: لا مال له: وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ؛ ولذلك قدم الظرف على عامله في قوله: (ولها يجمع من لا عقل له) ؛ لغفلته عما يهمه في الآخرة؛ ويراد منه في الدنيا؛ والعاقل إنما يجمع للدار الآخرة: وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ؛ قال الحكيم : لا بد لبناء هذا الوجود أن تنهدم دعائمه؛ وأن تسلب كرائمه؛ فالعاقل من كان بما هو أبقى أفرح منه بما هو أفنى؛ وأنشد ابن أبي الدنيا :


يا فرقة الأحباب لا بد لي منك ويا دار دنيا إنني راحل عنك ويا قصر الأيام ما لي وللمنى
ويا سكرات الموت ما لي وللضحك

وما لي لا أبكي لنفسي بعبرة
إذا كنت لا أبكي لنفسي فمن يبكي؟

ألا أي حي ليس بالموت موقنا؟
وأي يقين منه أشبه بالشك



(حم هب؛ عن عائشة ؛ هب؛ عن ابن مسعود ؛ موقوفا) ؛ قال المنذري والحافظ العراقي : إسناده جيد؛ وقال الهيثمي : رجال أحمد رجال الصحيح؛ غير دويد ؛ وهو ثقة.




الخدمات العلمية