الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
4090 - "خير نساء ركبن الإبل صالح نساء قريش ؛ أحناه على ولد في صغره؛ وأرعاه على زوج في ذات يده"؛ (حم ق)؛ عن أبي هريرة ؛ (صح) .

التالي السابق


(خير نساء ركبن الإبل) ؛ كناية عن نساء العرب ؛ وخرج به مريم ؛ فإنها لم تركب بعيرا قط؛ على أن الحديث مسوق للترغيب في نكاح العربيات؛ فلا تعرض فيه لمن انقضى زمنهن؛ (صالح) ؛ بالإفراد؛ عند الأكثر؛ وفي رواية: "صلاح"؛ بضم أوله؛ وشد اللام؛ بصيغة الجمع؛ (نساء قريش ) ؛ وفي رواية: "نساء قريش "؛ بدون لفظ "صالح"؛ والمطلق محمول على المقيد؛ فالمحكوم له بالخيرية الصالحات منهن؛ لا على العموم؛ والمراد هنا إصلاح الدين؛ وحسن معاشرة الزوج؛ ونحو ذلك؛ (أحناه) ؛ بسكون المهملة؛ بعدها نون؛ من "الحنو"؛ بمعنى الشفقة؛ والعطف؛ وهذا استئناف جواب عمن قال: ما سبب كونهن خيرا؛ فقال: "أحناه"؛ (على ولد) ؛ أي: أكثره شفقة وعطفا؛ ومن ذلك عدم التزوج على الولد؛ (في) ؛ حال؛ (صغره) ؛ ويتمه؛ والقياس: "أحناهن"؛ لكنه ذكر الضمير باعتبار اللفظ؛ والجنس؛ والشخص؛ أو الإنسان؛ وكذا يقال في قوله الآتي: "وأرعاه"؛ وفي رواية: "على ولدها"؛ وهو أوجه؛ وفي رواية لمسلم : "على يتيم"؛ وفي أخرى: "على طفل"؛ والتقييد باليتم والصغر إما على بابه؛ وإما من ذكر بعض أفراد العموم؛ وكذا قوله: (وأرعاه) ؛ من "الرعاية": الحفظ والرفق؛ (على زوج) ؛ لها؛ أي: أحفظ وأرفق وأصون لماله بالأمانة فيه؛ والصيانة له؛ وترك التبذير في الإنفاق؛ (في ذات يده) ؛ أي: في ماله المضاف إليه؛ وهو كناية عن البضع؛ الذي يملك الانتفاع به؛ يعني: هذا أشد حفظا لفروجهن على أزواجهن؛ وفيه إيماء إلى أن النسب له تأثير في الأخلاق؛ وبيان شرف قريش ؛ وأن الشفقة والحنو على الأولاد مطلوبة؛ مرغوبة؛ وحث على نكاح الأشراف؛ سيما القرشيات؛ وأخذ منه اعتبار الكفاءة بالنسب.

(تنبيه) :

قال قاسم بن ثابت في الدلائل: "ذات يده"؛ و"ذات بيننا"؛ ونحوه؛ صفة لمحذوف مؤنث؛ كأنه يعني الحال التي هي بينهم؛ والمراد بـ "ذات يده": ماله وكسبه؛ وأما قولهم: "لقيته ذات يوم"؛ فالمراد لقاؤه أول مرة.

(حم ق؛ عن أبي هريرة ) ؛ وسببه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب أم هانئ ؛ فاعتذرت بكبر سنها؛ وأنها أم عيال؛ فرفقت بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ألا يتأذى بمسنة؛ ولا بمخالطة أولادها ؛ فذكره؛ قال الحافظ العراقي : فينبغي ذكر هذا في أسباب الحديث.




الخدمات العلمية