الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله - تعالى : " وكل ما أصابه حلال في غير حرم مما يكون بمكة من حمامها وغيره فلا بأس ، إنما نمنع بحرمه بغيره من حرم أو إحرام " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما الصيد في الحرم ، فحرام كتحريمه في الإحرام ، سواء كان منشؤه في الحل أو في الحرم ، فإن خرج الصيد من الحرم إلى الحل حل صيده ، سواء كان منشؤه في الحرم أو في الحل ، فيكون تحريم الصيد معتبرا بمكانه في حال صيده لا بمنشئه وبه قال أبو حنيفة وقال مالك : إذا كان منشأ الصيد في الحرم قتله ، وضمن بالجزاء في الحل والحرم اعتبارا بالمنشأ : واستدلالا بأن استقرار الحرمة به تمنع من استباحته كما تمنع من استباحة شجر الحرم ، وأحجاره بعد إخراجه .

                                                                                                                                            ودليلنا هو أن تحريم الصيد إنما هو لحرمة في غيره من حرم أو إحرام ، فلما زالت حرمته بالإحلال من الإحرام وجب زوال حرمته بالخروج من الحرم ، ولأنه لما حرم صيد الحل إذا دخل إلى الحرم اعتبارا بمكانه وجب أن يحل صيد الحرم إذا خرج إلى الحل اعتبارا بمكانه ، وقد اعتبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك في طائر مع صبي صاده من الحل ، وأدخله الحرم ، فقال له : يا أبا عمير ما فعل النغير فدل هذا الخبر على أمور .

                                                                                                                                            منها : أن ما صيد في الحل جاز إدخاله إلى الحرم اعتبارا بمكانه الذي صيد فيه .

                                                                                                                                            ومنها : جواز لعب الصبيان بذوات الأرواح .

                                                                                                                                            ومنها : جواز المزح مع الصبيان .

                                                                                                                                            ومنها : جواز كنية من لا ولد له يتكنى باسمه .

                                                                                                                                            [ ص: 56 ] ومنها : جواز التصغير في الأسماء .

                                                                                                                                            فأما الجواب عن استدلال مالك بحجارة الحرم وأشجاره ، فهو أنها من جملة الحرم ، فلزم ردها إليه ، وليس الصيد من الحرم ، وإنما هو فيه ، فافترقا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية