الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا نذر أن يصلي في مسجد الخيف بمنى ، فإن كان من أهل مكة لم يلزمه بهذا النذر أكثر من صلاة ركعتين ؛ لأنه في الحرم الذي حرمته مشتركة ، وإن كان من غير أهل الحرم لزمه هذا النذر ، كمن نذر المشي إلى الحرم وفيما ينعقد به نذره وجهان :

                                                                                                                                            [ ص: 479 ] أحدهما : ينعقد بما نذره من الصلاة في الحرم إذا قيل : إنه يجوز له دخول الحرم أحدهما : لا تتعين ويجوز أن يصليها في أي موضع شاء من الحرم ؛ لأن حرمة جميع الحرم واحدة ، ولأن يشاهد الكعبة في صلاته أفضل من أن لا يشاهدها ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : النظر إلى الكعبة عبادة .

                                                                                                                                            والثاني : يتعين عليه فعلها في مسجد الخيف ، ولا يجزئه في غيره اعتبارا بصريح نذره ، وإن نذر الصلاة في المسجد الأقصى لا تجزئه في غيره ؛ لرواية أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : لو كنت امرأ من أهل مكة ما أتى علي سبت حتى آتي مسجد الخيف فأصلي فيه فهذا حكم الوجه الأول إذا قيل : إن نذره منعقد بما نذر .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن يلتزم بانعقاد نذره أن يحرم بحج أو عمرة إذا قيل : إنه لا يجوز له دخول الحرم إلا بإحرام ، فعلى هذا في التزامه ما عقد به نذره من الصلاة وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يلزمه فعل الصلاة ؛ لأن الشرع قد نقل نذره إلى ما هو أعظم منه ، فلم يجمع عليه بين بدل ومبدل .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن فعل الصلاة لا تسقط عنه ؛ لأنه ملتزم بها بنذره ، وملتزم الإحرام بدخول الحرم ، فصارت الصلاة واجبة عليه بالنذر ، والإحرام واجب عليه بالشرع ، فلم يجتمع فيه بدل ومبدل ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية