الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولو قال : أسألك بالله أو أعزم عليك بالله لتفعلن ، فإن أراد المستحلف بها يمينا فهي يمين ، وإن لم يرد بها شيئا فليست بيمين " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما قوله لغيره : أسألك بالله ، أو أقسم عليك بالله لتفعلن كذا .

                                                                                                                                            فله فيه أربعة أحوال :

                                                                                                                                            [ ص: 279 ] أحدها : أن يريد يمينا لنفسه على فعل صاحبه ، فتكون يمينا له معلقة بفعل غيره ، فإن فعل ما قال بر الحالف ، وإن لم يفعل حنث الحالف ، ووجبت الكفارة على الحالف دون المحلوف عليه ، وأوجبها أحمد بن حنبل على المحلوف عليه دون الحالف ، احتجاجا برواية عكرمة عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من حلف على أحد بيمين وهو يرى أنه سيبره فلم يفعل ، فإنما إثمه على الذي لم يبره . ودليلنا قول الله تعالى : ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم [ المائدة : 189 ] ، فجعل الكفارة على الحالف دون المحنث ، وقد جاءت السنة بما يوافق هذا .

                                                                                                                                            روى راشد بن سعد عن عائشة رضي الله عنها قالت : أهدت لنا امرأة طبقا فيه تمر ، فأكلت منه عائشة ، وأبقت تميرات ، فقالت لها المرأة : أقسمت عليك إلا أكلتيه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بريها : فإن الإثم على المحنث ، فجعل البر والحنث على الحالف والإثم على المحنث ، وعلى هذا يحمل حديث أبي هريرة فيما احتج به أحمد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية