الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 407 ] فصل : وإذا قال لعبيده : من بشرني منكم بخبر زيد فهو حر ، فإن بشره أحدهم بخبر سار لزيد عتق ، وإن بشره بخبر مكروه لزيد ، ففي حنثه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يعتق ، لأن البشارة مأخوذة من تغير البشرة ، وقد تتغير بالمكروه كما تتغير بالسار .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه لا يعتق ، لأن البشارة قد صارت في العرف للسار من الأخبار دون المكروه .

                                                                                                                                            والصحيح أن ينظر حال الحالف مع زيد ، فإن كان صديقا له لم يعتق بالخبر المكروه ، وإن كان عدوا له عتق بالخبر المكروه لأن بشره ، فصار بشارة عنده .

                                                                                                                                            ولو كان عدوا ، فبشره بخبر سار عتق ، وإن ساءه الخبر ، لأنه في العرف والعادة بشارة .

                                                                                                                                            فإذا تقرر الخبر الذي يعتق به ، فإن بشره واحد من عبيده عتق ، وإن بشره به جماعة من عبيده ، فإن تقدم بعضهم على بعض عتق الأول دون غيره ، لأن البشارة تكون بالخبر الأول ، وإن بشره جماعة منهم في حال واحدة عتقوا جميعا .

                                                                                                                                            وإن بشره جميع عبيده في حال واحدة لم يعتق واحد منهم ، لأن قوله : " من بشرني منكم " يقتضي التبعيض دون الجميع .

                                                                                                                                            ولو قال : من أخبرني بقدوم زيد ، فأخبره جميعهم بقدومه على اجتماع أو انفراد عتقوا جميعا ، لأن كل واحد منهم يخبر بخلاف البشارة المختصة بالخبر الأول ، ولا يلزم تبعيضهم ، لأنه لم يدخل فيه حرف التبعيض ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية