الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر ما ذكرنا من حكم الاستباحة على الانفراد انتقلنا إلى الجمع بين كل مستباحين بالضرورة محظورين من غير ضرورة .

                                                                                                                                            فمن ذلك إذا وجد المضطر ، وهو محرم ميتة وصيدا حيا .

                                                                                                                                            وهي مسألة الكتاب ، ففيما يستبيحه منهما قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو مذهب مالك وأبي حنيفة : أنه يأكل الميتة دون الصيد لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن استباحة الميتة نص ، واستباحة الصيد اجتهاد .

                                                                                                                                            والثاني : أن أكل الميتة لا يوجب الضمان ، وأكل الصيد موجب لضمان الجزاء ، فصارت الميتة بهذين الأمرين أخف حكما .

                                                                                                                                            والقول الثاني : وهو اختيار المزني : أنه يأكل الصيد ، ويعدل عن الميتة لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن إباحة الصيد عامة ، وحظره خاصة من الإحرام ، وحظر الميتة عام ، وإباحتها خاصة في الاضطرار ، فكان ما أباحته أعم أخف مما تحريمه أعم .

                                                                                                                                            والثاني : أن تحريم الصيد لمعنى في غيره ، وتحريم الميتة لمعنى فيها ، فكان ما [ ص: 177 ] فارقه معنى التحريم أخف مما حله معنى التحريم ، فثبت بهذين أن أكل الصيد أولى .

                                                                                                                                            فأما إذا وجد ميتة ولحم صيد قتله محرم ، فإن قيل : بذكاته كان أولى من الميتة ، وإن قيل : بنجاسته كانت الميتة أولى منه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية