الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وكذلك البيض وهو بيض الدجاج والإوز والنعام الذي يزايل بائضه حيا ، فأما بيض الحيتان فلا يكون هكذا " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : إذا حلف لا يأكل البيض وأطلق ولم يرد تخصيص نوع منه ، حمل على إطلاقه على كل بيض فارق بائضه حيا من مألوف كالدجاج والبط ، ونادر كالنعام والإوز والعصافير ، وقال أبو العباس بن سريج : يحنث بأكل المعتاد من البيض كالدجاج والبط ، ولا يحنث بأكل النادر من بيض الإوز والعصافير ، كما يحنث في أكل الرؤوس بالمعتاد دون النادر . وهذا فاسد من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن خروج النادر من البيض غير المعتاد لعزته وفقده ، وخروج النادر من الرؤوس عن المعتاد مع وجوده ومكنته ، فافترقا .

                                                                                                                                            والثاني : أن جميع البيض من نادر ومعتاد مفرد بالأكل فجرى جميعه مجرى الخاص من الرؤوس المفردة بالأكل .

                                                                                                                                            وأما بيض الحيتان والجراد ، فإنما لا يحنث بأكله لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه لا يفارق بائضه حيا ، فصار لعدم القدرة عليه خارجا من العرف .

                                                                                                                                            والثاني : أنه يؤكل مع جسمه .

                                                                                                                                            ويقال لمن أكل بيض السمك والجراد ، إنه قد أكل سمكا وجرادا ، فصار كلحمه ، فلو ذبح دجاجة في جوفها بيض وصل إليه بذبحها ، ففي حنثه بأكله وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يحنث بأكله ، لأنه لم يزايل بائضه حيا ، فصار كبيض السمك .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يحنث بأكله ، لأنه من جنس ما يوصل إليه مع حياة بائضه .

                                                                                                                                            فإذا تقرر ما ذكرنا من حنثه بكل البيض من نادر ومعتاد ، حنث بأكل المعتاد أهل النادر والمعتاد .

                                                                                                                                            [ ص: 415 ] وأما النادر فيحنث بأكله أهل النادر كبيض النعام ، يحنث به أهل البادية ، وفي حنث أهل الأمصار به وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يحنثون به إذا قيل : إن أهل القرى يحنثون بسكنى بيوت الشعر .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا يحنثون به ، إذا قيل : إن أهل القرى لا يحنثون بسكنى بيوت الشعر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية