الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : وإذا اشترطا الخواسق والشن ملصق بالهدف فأصاب ثم رجع ، فزعم الرامي أنه خسق ثم رجع لغلظ لقيه من حصاة وغيرها ، وزعم المصاب عليه أنه لم يخسق وأنه إنما قرع ثم رجع فالقول قوله مع يمينه ، إلا أن تقوم بينة فيؤخذ بها .

                                                                                                                                            [ ص: 218 ] قال الماوردي : اشتراط الخسق إنما يكون في إصابة الشن دون الهدف ، وقد ذكرنا أن الشن هو جلد ينصب في الهدف تمد أطرافه بأوتار أو خيوط تشد في أوتاد منصوبة في الهدف المبني ، وربما كان ملصقا بحائط الهدف ، وربما كان بعيدا منه بنحو من شبر أو ذراع ، وهو أبعد ما ينصب ، وخسق الشن إذا كان بعيدا من الهدف أوضح منه إذا كان ملصقا به .

                                                                                                                                            فإذا رمى والشن ملصق بالهدف ، فأصاب الشن ثم سقط بالإصابة خسق ، فزعم الرامي أنها خسق ولقي غلظا في الهدف من حصاة أو نواة ، فرجع وهو خاسق وزعم المرمي عليه أنه قرع فسقط ولم يخسق ، فلهما ثلاثة أحوال :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يعلم صدق الرامي في قوله ، وذلك بأن يعرف موضع خسقه ، ويرى الغلظ من ورائه ، فيكون القول قوله مع يمين ؛ لأن الحال شاهدة بصدقه .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن يعلم صدق المرمي عليه في إنكاره إما بأن لا يرى في الشن خسقا ، وإما بأن لا يرى في الهدف غلظا فالقول قوله ، ولا يمين عليه ؛ لأن الحال شاهدة بصدقه .

                                                                                                                                            والحال الثالثة : أن يحتمل صدق المدعي وصدق المنكر ؛ لأن في الشن خواسق ، وفي الهدف غلظ ، وقد أشكلت الإصابة هل كانت في مقابلة الغلظ أم لا ؟ فإن كانت بينة حمل عليها ، وإن عدمت البينة ، فالقول قول المنكر مع يمينه ، ولا يحتسب به مصيبا وفي الاحتساب به مخطئا وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يحتسب به في الخطأ إذا لم يحتسب به في الإصابة لوقوف الرامي بين صواب وخطأ .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا يحتسب به في الإصابة ؛ لأن الإصابة لا يحتسب بها إلا مع اليقين ، وكذلك لا يحتسب بالخطأ إلا مع اليقين ، فإن نكل المنكر عن اليمين أحلف الرامي المدعي ، فإذا حلف احتسب بإصابته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية