الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : والعفراء أحب إلي من السوداء .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، أول ما يضحى به من ألوان الغنم البيض ، ثم العفر ، ثم الحمر ، ثم البلق ، ثم السواد فتكون البيض وما قاربها من الألوان أفضل من السواد رواية يحيى بن أبي ورقة عن مولاته كبيرة بنت أبي سفيان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أبرقوا فإن دم عفراء أذكى عند الله من دم سوداوين .

                                                                                                                                            وفي قوله : أبرقوا : أي ضحوا بالبرقاء ، وهي الشاة التي يختلط ببياض صوفها طاقات سود ، والعفراء التي يضرب لونها إلى البياض ، وليست صافية البياض ، ومنه قيل للطنب : العفر .

                                                                                                                                            وروي أن امرأة شكت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يبارك لها في غنمها فقال : ما ألوانها قالت : سود فقال لها : عفري أي اخلطيها بعفر ولأن لحوم ما خالف السواد أطيب وأصح .

                                                                                                                                            [ ص: 79 ] حكى ابن قتيبة : أن مداومة أكل لحوم السواد تحدث موت الفجاءة ، وقد حكى حرملة عن الشافعي في ألوان الغنم حوا وقهبا وحلسا وقمرا ، وسفعا ، ورقشا ، وزبدا ، فالحو هي السود التي خالطها حمرة .

                                                                                                                                            والقهباء : هي البيضاء التي خالطها حمرة .

                                                                                                                                            والحلساء : التي ظهرها أحمر وعنقها أسود ، والقمر التي في وجهها خطوط بيض وسود .

                                                                                                                                            والسفعاء : التي نجدها لون يخالف لونها .

                                                                                                                                            والرقشاء : المنقطة ببياض وسواد ، والزبداء : التي اختلط سواد شعرها ببياضه كالبرشاء ، إلا أن البرشاء أكثر اجتماع سواد وبياض ، وباقي هذه الألوان إن ضحى لم يكن فيه كراهية وإن كان ما اخترناه من الألوان أفضل ، فمنها ما كان أفضل لحسن منظره ، ومنها ما كان أفضل لطيب مخبره : فإن اجتمعا كان أفضل .

                                                                                                                                            وإن افترقا كان طيب المخبر أفضل من حسن المنظر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية