الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : والأضحى جائز يوم النحر وأيام منى كلها إلى المغيب لأنها أيام نسك قال المزني - رحمه الله - - وهو قول عطاء والحسن - : أخبرنا علي بن معبد ، عن هشيم ، عن يونس ، عن الحسن أنه قال : يضحي أيام التشريق كلها ، وحدثنا علي بن معبد ، عن هشيم ، عن الحجاج ، عن عطاء أنه كان يقول : يضحي في أيام التشريق .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما أيام نحر الضحايا والهدايا فمختلف فيها على ثلاثة مذاهب :

                                                                                                                                            أحدها : - وهو مذهب الشافعي وجمهور الصحابة والتابعين والفقهاء - أنها أربعة أيام من يوم النحر إلى آخر أيام التشريق الثلاثة حتى تغيب شمسه .

                                                                                                                                            والمذهب الثاني - ما قاله مالك - : إنها ثلاثة أيام من يوم النحر إلى آخر الثاني من أيام التشريق ، وهو يوم النفر الأول .

                                                                                                                                            والمذهب الثالث : - وهو قول أبي سلمة بن عبد الرحمن ، وإبراهيم النخعي ، وسليمان بن يسار - أنها من يوم النحر إلى آخر ذي الحجة ، برواية أبي سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار أنه بلغهما أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إن الضحايا إلى هلال المحرم لمن أراد أن يستأني ذلك .

                                                                                                                                            وروى يحيى بن سعيد عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف يقول : إنه كان المسلمون يشتري أحدهم الأضحية ويسمنها ، فيذبحها بعد الأضحى في آخر ذي الحجة ، ودليلنا قوله تعالى : ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام [ الحج : 28 ] . وقد مضى الكلام فيها ، ولكن لما جعل للنحر أياما بطل أن يكون شهرا .

                                                                                                                                            وروى سليمان بن موسى ، عن نافع بن جبير بن مطعم ، عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أيام التشريق كلها ذبح .

                                                                                                                                            [ ص: 125 ] وفيه دليل على مالك حيث جعل ثلاثة أيام التشريق منها ، ودليل على من استدامها إلى هلال المحرم ، لاختصاص أيام التشريق بها .

                                                                                                                                            وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بالنداء في أيام التشريق : ألا إنها أيام أكل وشرب ونحر وذكر فدل على اختصاص النحر بجميعها ، ولأن كل يوم جاز فيه الرمي جاز فيه النحر كاليوم الثاني ، وكل يوم لم يجز فيه الرمي لم يجز فيه النحر كالمحرم ، ولأنها سميت أيام التشريق لتشريق لحوم الهدايا في شمسها ، فلو كان غيرها في حكمها لجاز انطلاق اسم التشريق على جميعها ، وفي امتناع هذا دليل على فساد ما أدى إليه ، وأما الجواب عما احتجوا به ، فهو أن مثله لا يجوز أن يكون حجة في الدين ، ولا طريقا إلى الأحكام ، ولو صح لجاز فسخه بما هو أثبت منه ، واقترن به العمل بضده ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية