الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : والثاني يجمع وجهين وذلك مثل الرجلين يريدان أن يستبقا بفرسيهما ، ولا يريد كل واحد منهما أن يسبق صاحبه ، ويخرجان سبقين ، فلا يجوز إلا بالمحلل ، وهو أن يجعل بينهما فرس ، ولا يجوز حتى يكون فرسا كفؤا للفرسين لا يأمنان أن يسبقهما .

                                                                                                                                            [ ص: 192 ] قال الماوردي : وهذا هو السبق الثاني من الأسباق الثلاثة وهو : أن يستبق الرجلان ، ويخرج كل واحد منهما سبقا من ماله يأخذه السابق منهما ، وهذا لا يصح ، حتى يوكلا بينهما محللا لا يخرج شيئا ، ويأخذ إن سبق ولا يعطى إن سبق لنص ومعنى .

                                                                                                                                            أما النص ، فما رواه سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أدخل فرسا بين فرسين وهو لا يؤمن أن يسبق ، فلا بأس به ، ومن أدخل فرسا بين فرسين وهو يؤمن أن يسبق ، فإن ذلك هو القمار .

                                                                                                                                            وأما المعنى ، فهو أن إباحة السبق معتبرة ، بما خرج عن معنى القمار هو الذي لا يخلو الداخل فيه من أن يكون غانما إن أخذ أو غارما إن أعطى ، فإذا لم يدخل بينهما محلل كانت هذه حالها ، فكان قمارا ، وإذا دخل بينهما محلل غير مخرج يأخذان إن سبق ، ولا يعطى إن سبق خرج عن معنى القمار فحل .

                                                                                                                                            وهذا الداخل يسمى محللا : لأن العقد صح به ، فصار حلالا ويسميه أهل السبق ، ميسرا ، ويصح العقد به بأربعة شروط :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكون فرسه كفؤا لفرسيهما ، أو أكفأ منهما ، لا يأمنان أن يسبقهما ، فإن كان فرسه أدون من فرسيهما ، وهما يأمنان أن يسبقهما لم يصح للنص ، ولأن دخوله مع العلم بأنه لا يسبق غير مؤثر من أخذ السبق .

                                                                                                                                            والشرط الثاني : أن يكون المحلل غير مخرج لشيء وإن قل ، فإن أخرج شيئا خرج عن حكم المحلل ، فصار في حكم المستبق .

                                                                                                                                            والشرط الثالث : أن يأخذ إن سبق ، فإن شرط أن لا يأخذ لم يصح .

                                                                                                                                            والشرط الرابع : أن يكون فرسه معينا عند العقد ، لدخوله فيه كما يلزم تعيين فرس المستبقين ، وإن كان غير معين بطل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية