مسألة : قال الشافعي : ويجري بينهما المحلل ، فإن سبقهما كان السبقان له ، وإن سبق أحدهما المحلل أحرز السابق ماله ، وأخذ سبق صاحبه ، وإن أتيا مستويين لم يأخذ أحدهما من صاحبه شيئا .
قال الماوردي : وهذا صحيح : يجب أن ، لأمرين : يجري المحلل فرسه بين فرس المتسابقين
أحدهما : أنه لما دخل بينهما للتحليل دخل بينهما في الجري .
والثاني : لأنهما بإخراج السبق متنافران ، فدخل بينهما ليقطع تنافرهما ، فإن لم يتوسطهما ، وعدل إلى يمين أو يسار جاز ، وإن أساء إذا تراضيا به المستبقان ، فإن لم يتراضيا إلا بأن يجري فرسه بينهما منع من العدول عن توسطهما إلى يمين أو يسار ، لأنه تبع لهما ، فكان أمرهما عليه أمضى ، فإن رضي أحدهما بعدوله عن التوسط ولم يرض به الآخر ، فالقول قول من دعا إلى التوسط دون الانحراف ، لأنه أعدل بينهما وأمنع من تنافرهما ، فإن رضيا بانحرافه عن التوسط بينهما ، ودعا أحدهما إلى أن يكون [ ص: 195 ] متيامنا ، ودعا الآخر إلى أن يكون متياسرا لم يعمل على قول واحد منهما ، وجعل وسطا بينهما ، لأنه العدل المقصود والعرف المعهود ، وهذا حكم موضع المحلل .
فأما المستبقان فإن اتفقا على المتيامن منهما والمتياسر حملا على اتفاقهما ، وإن اختلفا فيه لقرع بينهما وأوقف كل واحد منهما في موضع قرعته من يمين أو شمال .