الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر ما وصفنا لم يخل حاله في كمال فروضه من ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : ما يفوت بتأخيره إلى حال الكمال ، وذلك مثل صلاة العريان والمتيمم وكفارة المتمتع ، ففرضه تعجيل أدائه على غنى .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : ما لا يفوت بتأخيره ولا يدخل عليه ضرر بالتأخير مثل كفارة اليمين والقتل وزكاة الفطر ، ففرضه إذا قدر على الكمال أن يؤخره إلى حال الإمكان .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : ما لا يفوت بتأخيره ، لكن يلحقه بالتأخير ضرر مثل كفارة الظهار يلحقه بتأخيرها ضرر في امتناعه من الجماع ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يجب تأخيرها باليسار في بلده حتى يعتق لأنه غني .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يجوز أن يعجل التكفير بالصيام : لأنه مستضر ، وهكذا حكمه لو كان ضالا أو مغصوبا لا يجوز أن يكفر حتى يقدر على ماله فيكفر به ، فإن تلف ماله قبل وصوله إليه لم يخل حاله من أحد أمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يقدر على التكفير له قبل وصوله إليه بأن يكاتب أو يراسل إلى بلد المال بالتكفير عنه ، فلا يفعل حتى يتلف المال ، فهذا في حكم من كان موسرا عند الوجوب معسرا عند الأداء ، فيكون في تكفيره بالصيام على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : يجوز أن يكفر به إذا اعتبر بها حال الأداء .

                                                                                                                                            [ ص: 318 ] والثاني : لا يجوز أن يكفر إلا بالمال إذا اعتبر بها حال الوجوب .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن لا يقدر على التكفير بالمال حتى يتلف ، فيجزئه التكفير بالصيام قولا واحدا لإعساره في حالتي وجوبها وأدائها ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية