مسألة : قال الشافعي : " ولو حمل فأدخل فيه لم يحنث إلا أن يكون هو أمرهم بذلك تراخى أو لم يتراخ " .
[ ص: 364 ] قال الماوردي : أما إذا : لأنه دخل إليها حقيقة ، ولو دخلها ناسيا كان على قولين نذكرهما من بعد ، ولو حمل فأدخل إليها محمولا فلا يخلو فيه من أحد أمرين : إما بأمره أو بغير أمره ، فإن كان قد أمر بحمله فعلى الدخول ، وإن كان من غيره فهو منسوب إليه إذا كان عن أمره ، فأشبه دخوله إليها راكبا . حلف أن لا يدخل دارا ، فدخلها مختارا ذاكرا ، حنث بدخولها ماشيا كان أو راكبا
فإن قيل : لو لم يحنث . فهلا كانت في الأمر بالدخول كذلك . حلف لا باع ، ولا ضرب فأمر غيره بالضرب والبيع
قيل : لأن البيع والضرب ، وإن كان عن أمره ، فالفعل موجود من غيره ، فكان مثاله من دخول الدار أن يأمر غيره بالدخول فلا يحنث . فهذا إذا دخل الدار بأمره سواء أدخل عقيب الأمر أو بعد تطاول الزمان ، تسوية بين الفور والتراخي ، لإضافته إلى أمره في الحالين ، فأما إذا لم يحنث ، استصعب أو تراخى ، وقال حمل وأدخل الدار بغير أمره مالك رضي الله عنه : إن استصعب على الحامل لم يحنث ، وإن تراخى حنث لأنه مع الاستصعاب كاره ومع التراخي مختار ، وهذا ليس بصحيح ؛ لأنه غير فاعل ولا آمر ، فلا يجوز أن يضاف إليه ما لم يفعله ، ولم يأمر به ، ولو جاز أن يضاف إليه لاستوى حكمه في حالتي الاستصعاب والتراخي ؛ لأن يمينه محمولة على الفعل دون الاختيار والكراهية ، فأما قول الشافعي : " تراخى أو لم يتراخ " فمن أصحابنا من حمله على الرد على مالك في سقوط الحنث مع الاستصعاب والتراخي ، ومنهم من حمله على الأمر في وقوع الحنث على الفور والتراخي ، فإذا ثبت أنه لا يحنث إذا حمل نظر ، فإن بادر بالخروج منه عقب قدرته على الخروج فهو على بره ، وإن مكث بعد قدرته على الخروج ، ففي حنثه قولان على ما بيناه من قبل ، هل يكون استدامة الدخول جاريا مجرى ابتدائه أم لا ؟
وقد نص الشافعي هاهنا على أنه يحنث به ، فكان أولاهما بمذهبه .