الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما المسألة الثانية المتفق عليها ، فهي أن يحلف ليقضينه حقه إلى رمضان ، فجعل رمضان غاية وحدا ؛ لأنه علقه بحرف وضع للغاية والحرف هو " إلى " ، فيكون زمان بره من وقت يمينه إلى أول جزء من ليلة رمضان ، كما قال تعالى : ثم أتموا الصيام إلى الليل [ البقرة : 187 ] ، فكان زمان الصيام إلى أول جزء من أجزاء الليل ، فإن لم يقضه حقه حتى دخل أول جزء من ليلة رمضان حنث ، ويجيء على مذهب مالك أنه لا يحنث إلا بانقضاء يوم وليلة منه ، فإن شرع في قضاء الحق قبل رمضان وكمله في رمضان لطول زمانه بر ؛ لأن الشروع في القضاء كالقضاء ، فإن أخر القضاء في ليلة شك في دخول رمضان ، ثم بان أنها من رمضان ، ففي حنثه قولان كالناسي والمكره ، فإن قال : أردت بقولي إلى رمضان أي : في رمضان ، دين في الباطن لاحتمال ما أراد لأنها حروف تقام بعضها مقام بعض ، كقول الله تعالى : ولأصلبنكم في جذوع النخل [ طه : 71 ] ، أي : عليها فأما في ظاهر الحكم فيحنث إذا تعلق بيمينه حق آدمي من طلاق أو عتاق اعتبارا بحقيقة اللفظ دون مجازه ، فإن حلف لأقضينك حقك عند رمضان لم يبر بقضائه قبل رمضان ؛ لأن كلمة " عند " موضوعة للمقاربة ، فإذا أهل رمضان احتمل ما يعتبر في بره وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : يعتبر بإمكان القضاء عند دخوله ، فإن أخره حنث كما لو قال عند رأس الشهر .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يكون جميع الشهر وقتا للبر ؛ لأنه لم يعين على جزء منه ، فصار حكم آخره كحكم أوله .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية