الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولو حلف لا يكلم رجلا ثم سلم على قوم والمحلوف عليه فيهم لم يحنث إلا أن ينويه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما إذا حلف لا يكلم رجلا ، فسلم عليه حنث ؛ لأن السلام كلام ، ألا ترى أن الصلاة تبطل به إذا كان في غير موضعه .

                                                                                                                                            فأما إذا سلم على جماعة والمحلوف عليه فيهم ، فللحالف ثلاثة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن يقصده بسلامه عليهم ، فهذا حانث .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن يعزله بنيته ، ويقصد بالتسليم على غيره ، فهذا غير حانث ؛ لأن الأيمان محمولة على المقاصد في عقدها ، فحملت عليه في حلها ، فلا وجه لما عدا هذا القول .

                                                                                                                                            والحال الثالثة : أن لا يكون له قصد في إرادته ، ولا في عزله ، فلا يخلو أن يكون عالما أنه فيهم أو غير عالم ، فإن علم أنه فيهم ، ففي حنثه بإطلاق سلامه عليهم قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو الذي نقله المزني هاهنا ، ونقله الربيع في الأم أنه لا يحنث ؛ لأنه غير مقصود بالكلام .

                                                                                                                                            والقول الثاني : حكاه الربيع منفردا أن فيه قولا آخر أنه يحنث ، وهو أظهر ؛ لأن السلام عليهم عام ، فدخل في عمومهم .

                                                                                                                                            وإن لم يعلم أنه فيهم أو علم فنسي ، هل يكون فعل الجاهل والناسي في الأيمان كالعالم والذاكر ؟ فيه قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنها لغو لا يحنث بها ، فعلى هذا لا يحنث بهذا السلام .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أنها لازمة يتعلق بها الحنث ، فعلى هذا في حنثه بهذا السلام قولان .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية