مسألة : قال الشافعي : " ولو نذر أن يهدي متاعا لم يجزئه إلا أن يتصدق به على مساكين الحرم ، فإن كانت نيته أن يعلقه سترا على البيت ، أو يجعله في طيب البيت جعله حيث نواه " .
قال الماوردي : وهذا صحيح على ضربين : النذر في المتاع المنقول
أحدهما : أن يقول : لله علي أن أجعل هذا المتاع هديا ، فيتوجه مطلق هذا الهدي إلى وجوب نقله إلى الحرم ، لأنه محل الهدي في الشرع ، فانصرف إليه في النذر قال الله تعالى : الكعبة هديا بالغ [ المائدة : 95 ] .
والضرب الثاني : أن يقول : لله علي أن أهدي هذا المتاع ، ولا يجعله هديا ، فقد تقابل فيه عرفان ، عرف اللفظ أن يكون هدية ، وعرف الشرع أن يكون هديا ، فإن أراد عرف اللفظ أن يكون هدية بين المتواصلين ، لم ينعقد به النذر إلا أن يقترن بقربة تختص بثواب ، وإن أراد به عرف الشرع أن يكون هديا ، وجب عليه إيصاله إلى الحرم ، وإن أطلق ، ولم يكن له إرادة ففيه وجهان :
أحدهما : يحمل على عرف الشرع ، فيكون هديا يوصل إلى الحرم ، فيصير النذر به منعقدا .
والوجه الثاني : أن يحمل على عرف اللفظ ، لأنه قد اقترن به عرف الاستعمال ، فيكون هدية ولا يكون هديا ، فلا ينعقد به النذر ، لأن النذر لا يلزم مع الاحتمال .