فصل : وأما المتتابع بالشرط ، وهو أن " فهو على التراخي دون الفور ، لأن ترك التعيين لها قد جعل نذر صيامها مضمونا في ذمته ، وله إذا شرع في صيامها أن يبتدئها بأي شهر شاء من شهورها ، ولا شيء عليه أن يبتدئها بالمحرم ، لأن المحرم أول السنة المعينة ، وهذه السنة غير معينة ، وإذا نذر صيامه شهرا كان مخيرا بين أن يبتدئه بصيام أوله ، وبين أن يبتدئ صيامه بعد ذهاب بعضه ، لأن عليه أن يتابع الصيام بعد الدخول فيه ، فلم يعتبر ما تقدمه فإذا صام سنة متوالية الأهلة سقط من الاعتداد بها ما استثناه الشرع منها ، وهو شهر رمضان ، لأن صيامه عن فرضه دون نذره ، والخمسة أيام التي منع الشرع من صيامها ، وهي : العيدان ، وأيام التشريق الثلاثة ، ولا ينقطع تتابع صيامه لفطره فيها ، لأنه لا يعذر في صيام السنة المتتابعة على التحرز منها ، ويلزمه أن يقضي ما لم يعتد بصيامه من نذره متصلا بصيامه ، فإن كان شوال وذو الحجة تامين ، فيقضي خمسة وثلاثين يوما منهما عن رمضان ثلاثين يوما سواء كان رمضان تاما أو ناقصا ، لأن نقصانه قد فات هلاله ، ويوم فطره من شوال وأربعة أيام من ذي الحجة . يقول : " لله علي أن أصوم سنة متتابعة
وإن كان شوال ، وذو الحجة ، ناقصين ، قضى سبعة وثلاثين يوما ، لأن شوالا وذا الحجة قد فاته هلالهما بالفطر في بعضهما ، فلزمه إتمامهما .
فإن قيل : فهلا سقط عنه قضاء هذه الأيام في صيام السنة المطلقة كما سقط عنه قضاؤها في المعينة ، قيل : لأن نذره في السنة المعينة تعلق بالزمان ، فانعقد على ما يجوز صيامه في النذر ، وخرج منها ما لا يجوز صيامه فيه ، ونذره في السنة المطلقة تعلق بذمته ، فانعقد على كمال المدة .