فصل : فإذا تقرر ما ذكرناه ، وجب عليه الحج في عامه لتعيينه في نذره ، فإن حج فيه أجزأه ، وإن تأخر عنه فعلى ضربين :
أحدهما : أن يكون تأخره لغير عذر ، فعليه قضاؤه في العام الثاني ، ولا يجوز له تأخيره عنه ، لأن فرضه مستحق على الفور دون التراخي .
والضرب الثاني : أن يؤخره عن عامه لعذر ، فعلى ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يموت قبل وقت الحج ، فلا حج عليه لموته قبل وقت الأداء ، فصار كموت المزكي قبل الحول ، وموت المصلي قبل الوقت .
والقسم الثاني : أن يؤخره بإحصار سلطان قاهر ، وعدو غالب ، فحكم الإحصار في حجة الإسلام ، فإن كان عاما سقط به القضاء ، وإن كان خاصا ففي سقوط القضاء قولان .
[ ص: 496 ] فأما فقد اختلف أصحابنا فيه على وجهين : حكم الإحصار في حجة النذر ،
أحدهما : - وهو قول أبي حامد الإسفراييني - إنه على حكمه في حجة الإسلام إن كان عاما سقط عنه القضاء ، وإن كان خاصا فعلى قولين .
والقول الثاني : - وهو قول أبي علي بن أبي هريرة - إنه على العكس في حجة الإسلام إن كان الإحصار خاصا ، وجب به القضاء ، وإن كان عاما فعلى قولين ، وهذا أشبه ، لأن حجة النذر أغلظ .
والقسم الثالث : أن يؤخره لعذر يعود إليه من مرض ، أو نسيان ، أو تلف مال ، أو خطأ عدد ، أو ضلال طريق ، فالقضاء واجب عليه لاختصاص الأعذار به ، كما لا يسقط عنه صيام رمضان بمرضه وإعذاره مع إمكان استثنائها في نذره .