الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4790 ) مسألة ; قال : ( وإذا أوصى بعبد من عبيده لرجل ، ولم يسم العبد ، كان له أحدهم بالقرعة ، إذا كان يخرج من الثلث ، وإلا ملك منه بقدر الثلث ) وجملة ذلك ، أن الوصية بغير معين ، كعبد من عبيده ، وشاة من غنمه ، تصح . وقد ذكرنا أن الوصية بالمجهول تصح فيما مضى . وبه يقول مالك ، والشافعي ، وإسحاق . واختلفت الرواية فيما يستحقه الموصى له ، فروي أنه يستحق أحدهم بالقرعة ، ويشبه أن يكون قول إسحاق . ونقل ابن منصور ، أنه يعطى أحسنهم . يعني يعطيه الورثة ما أحبوا من العبيد . وهو قول الشافعي . وقال مالك قولا يقتضي أنه إذا أوصى بعبد ، [ ص: 151 ] وله ثلاثة أعبد ، فله ثلثهم . وإن كانوا أربعة فله ربعهم ، فإنه قال : إذا أوصى بعشر من إبله ، وهي مائة ، يعطى عشرها ، والنخل ، والرقيق ، والدواب على ذلك . والصحيح أنه يعطى عشرة بالعدد ; لأنه الذي تناوله لفظه ، ولفظه هو المقتضي ، فلا يعدل عنه ، ولكن يعطى واحدا بالقرعة ; لأنه يستحق واحدا غير معين ، فليس واحد بأولى من واحد ، فوجب المصير إلى القرعة ، كما لو أعتق واحدا منهم . وعلى ما نقل ابن منصور ، يعطيه الورثة من عبيده ما شاءوا ، من صحيح أو معيب جيد أو رديء ; لأنه يتناوله اسم العبد فأجزأ ، كما لو وصى له بعبد ولم يضفه إلى عبيده . وإن لم يكن له إلا عبد واحد . تعينت الوصية فيه ، وكذلك إن كان له عبيد فماتوا كلهم إلا واحدا ، تعينت الوصية فيه ، لتعذر تسليم الباقي . وإن تلف رقيقه جميعهم قبل موت الموصي ، أو قتلوا ، بطلت الوصية ; لأنها إنما تلزم بالموت ، ولا رقيق له حينئذ . وإن تلفوا بعد موته بغير تفريط من الورثة ، بطلت الوصية ; لأن التركة عند الورثة غير مضمونة ; لأنها حصلت في أيديهم بغير فعلهم . وإن قتلهم قاتل ، فللموصى له قيمة أحدهم ، مبنيا على الروايتين في من يستحقه منهم في الحياة . ولو قال : أوصيت لك بعبد من عبيدي . ولا عبيد له ، لم تصح الوصية ; لأنه أوصى له بلا شيء ، فهو كما لو قال : أوصيت لك بما في كيسي . ولا شيء فيه ، أو بداري . ولا دار له ، فإن اشترى قبل موته عبيدا ، احتمل أن لا تصح الوصية ; لأنها وقعت باطلة ، فلم تصح . كما لو قال : أوصيت لك بما في كيسي . ولا شيء فيه ، ثم جعل في كيسه شيئا . ولأن الوصية تقتضي عبدا من الموجودين له حال الوصية . ويحتمل أن تصح ، كما لو وصى له بألف لا يملكه ، ثم ملكه ، أو وصى له بثلث عبيده ، ثم ملك عبيدا آخرين . وقد روى ابن منصور ، عن أحمد ، في رجل قال في مرضه : اعطوا فلانا من كيسي مائة درهم . فلم يوجد في كيسه شيء . يعطى مائة درهم . فلم تبطل الوصية ; لأنه قصد إعطاءه مائة درهم ، وظنها في الكيس ، فإذا لم تكن في الكيس ، أعطي من غيره . فكذلك يخرج في الوصية بعبد من عبيده ، إذا لم يكن له عبيد ، أن يشتري له من تركته عبد ، ويعطى إياه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية