الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ جرح ]

                                                          جرح : الجرح : الفعل ؛ جرحه يجرحه جرحا : أثر فيه بالسلاح ؛ وجرحه : أكثر ذلك فيه ؛ قال الحطيئة :


                                                          ملوا قراه وهرته كلابهم وجرحوه بأنياب وأضراس



                                                          والاسم الجرح - بالضم - ، والجمع أجراح وجروح وجراح ؛ وقيل : لم يقولوا أجراح إلا ما جاء في شعر ، ووجدت في حواشي بعض نسخ الصحاح الموثوق بها : قال الشيخ ، ولم يسمه ، عنى بذلك قوله :


                                                          ولى وصرعن من حيث التبسن به     مضرجات بأجراح ومقتول



                                                          قال : وهو ضرورة كما قال من جهة السماع . والجراحة : اسم الضربة أو الطعنة ، والجمع جراحات وجراح ، على حد دجاجة ودجاج ، فإما أن يكون مكسرا على طرح الزائد ، وإما أن يكون من الجمع الذي لا يفارق واحده إلا - بالهاء - . الأزهري : قال الليث الجراحة الواحدة من طعنة أو ضربة ؛ قال الأزهري : قول الليث الجراحة الواحدة خطأ ، ولكن جرح وجراح وجراحة ، كما يقال حجارة وجمالة وحبالة لجمع الحجر والجمل والحبل . ورجل جريح من قوم جرحى ، وامرأة جريح ، ولا يجمع جمع السلامة ؛ لأن مؤنثه لا تدخله الهاء ، ونسوة جرحى كرجال جرحى . وجرحه : شدد للكثرة ، وجرحه بلسانه : شتمه ، ومنه قوله :


                                                          لا تمضحن عرضي فإني ماضح     عرضك إن شاتمتني وقادح
                                                          في ساق من شاتمني وجارح



                                                          وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : العجماء جرحها جبار ؛ فهو - بفتح الجيم لا غير على المصدر - ويقال : جرح الحاكم الشاهد إذا عثر منه على ما تسقط به عدالته من كذب وغيره ؛ وقد قيل ذلك في غير الحاكم فقيل : جرح الرجل غض شهادته ؛ وقد استجرح الشاهد . والاستجراح : النقصان والعيب والفساد ، وهو منه ، حكاه أبو عبيد قال : وفي خطبة عبد الملك : وعظتكم فلم تزدادوا على الموعظة إلا استجراحا ، أي : فسادا ؛ وقيل : معناه إلا ما يكسبكم الجرح والطعن عليكم ؛ وقال ابن عون : استجرحت هذه الأحاديث ؛ قال الأزهري : ويروى عن بعض التابعين أنه قال : كثرت هذه الأحاديث واستجرحت أي : فسدت وقل صحاحها ، وهو استفعل من جرح الشاهد إذا طعن فيه ورد قوله ؛ أراد أن الأحاديث كثرت حتى أحوجت أهل العلم بها إلى جرح بعض رواتها ، ورد روايته . وجرح الشيء واجترحه : كسبه ؛ وفي التنزيل : وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار . الأزهري : قال أبو عمرو : يقال لإناث الخيل جوارح ، واحدتها جارحة ؛ لأنها تكسب أربابها نتاجها ؛ ويقال : ما له جارحة أي : ما له أنثى ذات رحم تحمل ؛ وما له جارحة أي : ما له كاسب . وجوارح المال : ما ولد ؛ يقال : هذه الجارية وهذه الفرس والناقة والأتان من جوارح المال ، أي : أنها شابة مقبلة الرحم ، والشباب يرجى ولدها . وفلان يجرح لعياله ويجترح ويقرش ويقترش بمعنى ؛ وفي التنزيل : أم حسب الذين اجترحوا السيئات ؛ أي : اكتسبوها . وفلان جارح أهله وجارحتهم أي : كاسبهم . والجوارح من الطير والسباع والكلاب : ذوات الصيد ؛ لأنها تجرح لأهلها أي : تكسب لهم ، الواحدة جارحة ؛ فالبازي جارحة ، والكلب الضاري جارحة ؛ قال الأزهري : سميت بذلك ؛ لأنها كواسب أنفسها من قولك : جرح واجترح ؛ وفي التنزيل : يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين ؛ قال الأزهري : فيه محذوف ، أراد الله - عز وجل - : وأحل لكم صيد ما علمتم من الجوارح ، فحذف لأن في الكلام دليلا عليه . وجوارح الإنسان : أعضاؤه وعوامل جسده كيديه ورجليه ، واحدتها جارحة ؛ لأنهن يجرحن الخير والشر أي : يكسبنه . وجرح له من ماله : قطع له منه قطعة ؛ عن ابن الأعرابي ورد عليه ثعلب ذلك فقال : إنما هو جزح - بالزاي - ، وكذلك حكاه أبو عبيد . وقد سموا جراحا ، وكنوا بأبي الجراح .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية