الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ جعل ]

                                                          جعل : جعل الشيء يجعله جعلا ومجعلا واجتعله : وضعه ; قال أبو زبيد :


                                                          وما مغب بثني الحنو مجتعل في الغيل في ناعم البردي محرابا

                                                          وقال يرثي اللجلاج ان أخته :


                                                          ناط أمر الضعاف واجتعل اللي     ل كحبل العادية الممدود

                                                          [ ص: 159 ] أي جعل يسير الليل كله مستقيما كاستقامة حبل البئر إلى الماء ، والعادية البئر القديمة . وجعله يجعله جعلا : صنعه ، وجعله صيره . قال سيبويه : جعلت متاعك بعضه فوق بعض ألقيته ; وقال مرة : عملته ، والرفع على إقامة الجملة مقام الحال ، وجعل الطين خزفا والقبيح حسنا : صيره إياه . وجعل البصرة بغداد : ظنها إياها . وجعل يفعل كذا : أقبل وأخذ ; أنشد سيبويه :


                                                          وقد جعلت نفسي تطيب لضغمة     لضغمهماها يقرع العظم نابها

                                                          وقال الزجاج : جعلت زيدا أخاك نسبته إليك . وجعل : عمل وهيأ ، وجعل : خلق . وجعل : قال ; ومنه قوله تعالى : إنا جعلناه قرآنا عربيا ; معناه إنا بيناه قرآنا عربيا ; حكاه الزجاج ، وقيل قلناه ، وقيل صيرناه ; ومن هذا قوله : وجعلني نبيا . وقوله - عز وجل - : وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا . قال الزجاج : الجعل ههنا بمعنى القول والحكم على الشيء كما تقول : قد جعلت زيدا أعلم الناس ، أي : قد وصفته بذلك وحكمت به . ويقال : جعل فلان يصنع كذا وكذا ، كقولك : طفق وعلق يفعل كذا وكذا . ويقال : جعلته أحذق الناس بعمله أي : صيرته . وقوله تعالى : وجعلنا من الماء كل شيء حي ، أي : خلقنا . وإذا قال المخلوق : جعلت هذا الباب من شجرة كذا ، فمعناه صنعته . وقوله - عز وجل - : فجعلهم كعصف مأكول ; أي : صيرهم . وقوله تعالى : وجعلوا لله شركاء أي : هل رأوا غير الله خلق شيئا فاشتبه عليهم خلق الله من خلق غيره ؟ وقوله : وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا ; أي : سموهم . وتجاعلوا الشيء : جعلوه بينهم . وجعل له كذا : شارطه به عليه ، وكذلك جعل للعامل كذا . والجعل والجعال والجعيلة والجعالة والجعالة والجعالة - الكسر والضم - ; عن اللحياني ، كل ذلك : ما جعله له على عمله . والجعالة - بالفتح - : الرشوة ; عن اللحياني أيضا ; وخص مرة بالجعالة ما يجعل للغازي ، وذلك إذا وجب على الإنسان غزو فجعل مكانه رجلا آخر بجعل يشترطه ، وبيت الأسدي :


                                                          فأعطيت الجعالة مستميتا     خفيف الحاذ من فتيان جرم

                                                          يروى - بكسر الجيم وضمها - ورواه ابن بري :


                                                          سيكفيك الجعالة مستميت

                                                          شاهدا على الجعالة - بالكسر - . وأجعله جعلا وأجعله له : أعطاه إياه . والجعالة - بالفتح - من الشيء تجعله للإنسان . والجعالة والجعالات : ما يتجاعلونه عند البعوث أو الأمر يحزبهم من السلطان . وفي حديث ابن سيرين : أن ابن عمر ذكروا عنده الجعائل فقال : لا أغزو على أجر ولا أبيع أجري من الجهاد ; قال ابن الأثير : هو جمع جعيلة أو جعالة - بالفتح - . والجعل : الاسم - بالضم - والمصدر - بالفتح - . يقال : جعل لك جعلا وجعلا ، وهو الأجر على الشيء فعلا أو قولا ، قال : والمراد في الحديث أن يكتب الغزو على الرجل فيعطي رجلا آخر شيئا ليخرج مكانه ، أو يدفع المقيم إلى الغازي شيئا فيقيم الغازي ويخرج هو ، وقيل : الجعل والجعالة أن يكتب البعث على الغزاة فيخرج من الأربعة والخمسة رجل واحد ويجعل له جعل . وقال ابن عباس : إن جعله عبدا أو أمة فهو غير طائل ، وإن جعله في كراع أو سلاح فلا بأس ، أي : أن الجعل الذي يعطيه للخارج ، إن كان عبدا أو أمة يختص به فلا عبرة به ، وإن كان يعينه في غزوه بما يحتاج إليه من سلاح أو كراع فلا بأس . والجاعل : المعطي ، والمجتعل : الآخذ . وفي الحديث : أن ابن عمر سئل عن الجعالات ، فقال : إذا أنت أجمعت الغزو فعوضك الله رزقا فلا بأس به ، وأما إن أعطيت دراهم غزوت ، وإن منعت أقمت ، فلا خير فيه . وفي الحديث : جعيلة الغرق سحت ; هو أن يجعل له جعلا ليخرج ما غرق من متاعه ، جعله سحتا لأنه عقد فاسد بالجهالة التي فيه . ويقال : جعلوا لنا جعيلة في بعيرهم فأبينا أن نجتعل منهم أي : نأخذ . وقد جعلت له جعلا على أن يفعل كذا وكذا . والجعال والجعالة والجعالة : ما تنزل به القدر من خرقة أو غيرها ، والجمع جعل مثل كتاب وكتب ; قال طفيل :


                                                          فذب عن العشيرة حيث كانت     وكن من دون بيضتها جعالا

                                                          وأنشد ابن بري :


                                                          ولا تبادر في الشتاء وليدتي     القدر تنزلها بغير جعال

                                                          قال : وأما الذي توضع فيه القدر فهو الجئاوة . وأجعل القدر إجعالا : أنزلها بالجعال ، وجعلتها أيضا كذلك . وأجعلت الكلبة والذئبة والأسدة وكل ذات مخلب ، وهي مجعل ، واستجعلت : أحبت السفاد واشتهت الفحل . والجعلة : الفسيلة أو الودية ، وقيل النخلة القصيرة ، وقيل هي الفائتة لليد ، والجمع جعل ; قال :


                                                          أقسمت لا يذهب عني بعلها     أو يستوي جثيثها وجعلها

                                                          البعل : المستبعل . والجثيثة : الفسيلة . والجعل أيضا من النخل : كالبعل . الأصمعي : الجعل قصار النخل ; قال لبيد :


                                                          جعل قصار وعيدان ينوء به     من الكوافر مهضوم ومهتصر

                                                          ابن الأعرابي : الجعل القصر مع السمن واللجاج . ابن دريد : الجعول الرأل ولد النعام . والجعل : دابة سوداء من دواب الأرض ، قيل : هو أبو جعران - بفتح الجيم - وجمعه جعلان . وقد جعل الماء - بالكسر - جعلا أي : كثر فيه الجعلان . وماء جعل ومجعل : ماتت فيه الجعلان والخنافس ، وتهافتت فيه . وأرض مجعلة : كثيرة الجعلان . وفي الحديث : كما يدهده الجعل بأنفه ; هو حيوان معروف كالخنفساء ; قال ابن بري : قال أبو حاتم : أبو سلمان أعظم الجعلان ذو رأس عريض ويداه ورأسه كالمآشير ، قال : وقال الهجري : أبو سلمان دويبة مثل الجعل له جناحان . قال كراع : ويقال للجعل أبو وجزة بلغة طيء . ورجل جعل : أسود دميم مشبه بالجعل ، وقيل : هو اللجوج ; لأن الجعل يوصف باللجاجة ، يقال : رجل جعل . وجعل الإنسان : [ ص: 160 ] رقيبه . وفي المثل : سدك بامرئ جعله ; يضرب للرجل يريد الخلاء لطلب الحاجة فيلزمه آخر يمنعه من ذكرها أو عملها ; قال أبو زيد : إنما يضرب هذا مثلا للنذل يصحبه مثله ، وقيل : يقال ذلك عند التنغيص والإفساد ; وأنشد أبو زيد :


                                                          إذا أتيت سليمى شب لي جعل     إن الشقي الذي يصلى به الجعل

                                                          قاله رجل كان يتحدث إلى امرأة ، فكلما أتاها وقعد عندها صب الله عليه من يقطع حديثهما . وقال ابن بزرج : قالت الأعراب لنا لعبة يلعب بها الصبيان نسميها جبى جعل ، يضع الصبي رأسه على الأرض ثم ينقلب على الظهر ، قال : ولا يجرون جبى جعل إذا أرادوا به اسم رجل ، فإذا قالوا هذا جعل بغير جبى أجروه . والجعول : ولد النعام - يمانية - . وجعيل : اسم رجل . وبنو جعال : حي ، ورأيت حاشية بخط بعض الفضلاء ، قال : ذكر أبو القاسم علي بن حمزة البصري في التنبيهات على المبرد في كتابه الكامل : وجمع جعل على أجعال ، وهو روث الفيل ; قال جرير :


                                                          قبح الإله بني خضاف ونسوة     بات الخزير لهن كالأجعال

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية